رحيل الشاعر الفلسطيني محمد لافي (1945–2025)، عن عالمنا اليوم الجمعة بالاردن عن عمر يناهز 80 عاماً
تنقّل بين أكثر من بلد، وعاش تجارب مختلفة على الصعيد العام والخاص. فعاش لاجئا منذ التهجير الأول من قريته الفلسطينية الأمّ التي ولد فيها قبيل النكبة عام 1946 (قرية حتّا/قضاء غزة) وتنقل أول الأمر لاجئا مع أسرته في فلسطين (الضفة الغربية) حتى استقر به الأمر في قرية العوجا قرب أريحا، وفيها درس مراحله التعليمية وصولا إلى الثانوية العامة في مدرسة عقبة جبر الثانوية عام 1965.
وبعد نكسة يونيو/حزيران 1967 انتقل إلى الأردن وعمل في التعليم مدرسا للغة العربية استنادا إلى قدراته الأدبية الذاتية، فدرّس في الزرقاء (مدرسة الفلاح الثانوية الخاصة) وانتقل بعد منتصف السبعينيات إلى سوريا لعدة سنوات، والتحق بالمقاومة في لبنان عاما واحدا هو عام الخروج من بيروت 1982.
ثم عاش في سوريا لعدة سنوات، وآب من جديد ليستقر في الأردن منذ بداية تسعينيات القرن العشرين حتى اليوم، وخلال هذه السنوات التحق بالعمل في الإذاعة الأردنية عام 1996 معدا ومقدما للبرامج الثقافية، منها برنامج (شاعر وقضية) وذلك بعد إضراب شهير رعته رابطة الكتاب الأردنيين، وشارك فيه عدد من الكتاب الذين أعلنوا الإضراب عن الطعام في مبنى الرابطة اعتراضا على ما آلت إليه أحوالهم، وعدم تأمين وظائف لائقة بهم. كما شارك لافي طَوال هذه السنوات في النشاط الفكري والثقافي، فكتب في الصحف والمجلات، وشارك في اللقاءات الأدبية والثقافية، إلى جانب دعمه وتشجيعه للأصوات الأدبية والشعرية الجديدة
وكتب سيناريوهات لأفلام، أبرزها الفيلم الوثائقي "الحكيم... جورج حبش".
أصدر لافي تسعة دواوين شعرية، وعكست تجربته تحوّلات في شكل القصيدة وتأثّره بالأحداث السياسية التي عاشها، مثل خروج المقاومة الفلسطينية من بيروت، فكتب القصيدة المطوّلة كما في "قصيدة الخروج"، ثم اتّجه إلى كتابة القصيدة القصيرة في بداية التسعينيات مع ديوانه "نقوش الولد الضال".
رفض الراحل اتفاق أوسلو، واعتبره "خيانة لثوابت المقاومة"، فتحوّل شعره إلى هجاء وسخرية تنطويان على مرارة فلسطينية، كما في ديوانه "ويقول الرصيف". وإلى جانب الشعر، كتب القصة القصيرة والمقالة والنصوص السياسية الساخرة.
صدر للافي أول دواوينه بعنوان "مواويل على دروب الغربة" (مطبعة عمّان، 1973)، ثم "الانحدار من كهف الرقيم" (جمعية عمّال المطابع التعاونية، 1975)، و"قصيدة الخروج" (دار الحوار، 1985)، و"نقوش الولد الضال" (اتحاد الكتّاب والصحفيين الفلسطينيين، 1990). كما صدر له عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر "مقفّى بالرماة" (1993)، و"أفتح بابًا للغزالة" (1996). وعن وزارة الثقافة الأردنية، ضمن سلسلة إبداعات ومشروع التفرّغ الأدبي، صدر له: "لم يعد درج العمر أخضر" (2005)، و"ويقول الرصيف" (2010).
أما ديوانه الأخير، فقد صدر العام الماضي عن الاتحاد العام للأدباء والكتّاب الفلسطينيين بعنوان "غيم على قافية الوحيد". وقد جمع "بيت الشعر" في رام الله أعماله الكاملة في مجلد بعنوان "الأعمال الناجزة" عام 2011.
لروحه المبدعة السلام
////
من نصوصه نختار :
الكتابة أم النشيد
الكتابة محو وخلق جديد
والكتابة أم المغني
والكتابة ماء
في مدى الصحراء
والكتابة
شرفات القصيدة
حين تسرقنا لبلاد بعيدة
وتوزعنا في المسار على حافلات الندم
والكتابة صوت
والكتابة ضد الذين على عجل
أو على مهل عبروا الموت
وأقاموا هناك
والكتابة رقص ملاك
والكتابة أجنحة للسماء
ورحيلي الى الله. !
*****
في آخرة الليل،/وفي آخر ما مد الله من الطرقاتْ
أركض خلف نشيدي الأعمى/ ليقول القلب لدفتر أطلالك:
يا حبّ …. سلامات؟!
****
هو في يدي . . .
جرسُ الرحيلِ، وغُرّة الفوضى
سلسلُ الذاهبين إلى الحياةِ، ولم يعودوا من مجاز الطلقِ
راية من تبقوا في العتابِ الطلقِ
شباكٌ على المقهى
وعائلةٌ من الأسماء تأكلُ بعضها
سفرُ الغروبِ
وساحةُ الألبومِ عاريةٌ من الأنثى
ومفتاحُ النشيجِ إلى النهايةْ .
****
يتجاذبونَ تساؤلاتِ الليلِ والأخبارَ :
من خسرِ الحبيبةَ دونما معنىً
ومن خلعتهُ أُسرتهُ
ومن أكلتهُ حاناتُ المدينةِ
من بنى بيتاً على أنقاضِ من رحلوا ومالَ إلى السكينةِ
من حنى للريحِ قامته ليشغلَ فندقاً في آخر الدنيا
ومن ذهبتْ به الطلقاتُ سهواً نحو خالقِهِ
ولم تخلصْ له الرؤيا
ومن كتبَ القصيدةَ ثمَّ عدّلها ليجلسَ في الجريدةِ
من أناخَ رواحلَ المشوارِ قبلَ بداءةِ المشوارِ
من أعطته أمُّ الرفض – منفرداً بهذا السّاحِ – سيف النارِ
من ما زالَ يرقصُ في الضواحي
ثم يرهنُ خيله – عبثاً – على سقط الحوارِ
ومن تزنَّر بالسكوتِ
ومن بهذا الليل قد كشفَ السريرةَ
من رأى الفرسان تسقطُ ...
ثم أعطاهم مع الأعداء ركلتهُ الأخيرةَ
منْ ...
ومنْ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق