بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 29 يونيو 2025

أمسية سينمائية توثق السيرة الفنية لصديق الثورة ستيفان لابدوفيتش

 



الجزائر - في إطار إحياء الذكرى63 لعيدي الاستقلال و الشباب و  دعم الحركة السينمائية الجزائرية وتشجيع الحوار الفني بين الأجيال، احتضنت قاعة السينماتيك الجزائر يوم الأحد 29 جوان 2025 ماستر كلاس استثنائياً جمع بين المخرجة MILA TRAJILI من صربيا والناقد أحمد بجاوي , وذلك لمناقشة السيرة الفنية لصديق الثورة الراحل ستيفان لابدوفيتش مرافق و مصور ثورة التحريرية الجزائرية والذي ترك أرشيفا كبيرا يؤرخ الثورة المجيدة

شهدت الفعالية حضوراً مكثفاً من الطلبة، السينمائيين، والنقاد ،  و تميزت الماستر كلاس بجلسة تفاعلية مع الحضور، حيث طرح المشاركون أسئلة حول التقنيات الإبداعية التي اعتمدها لابدوفيتش، . وأكدت MILA TRAJILIC  على ضرورة أن يطور كل فنان بصمته الخاصة مستلهماً من الرواد دون تقليدهم، بينما شدد أحمد بجاوي على دور السينما الجزائرية في توثيق التاريخ والهوية من خلال عدسة إبداعية.  

كما نظم المركز الجزائري للسينما عرضاً خاصاً لفيلمين تاريخيين هما "غير المنحازين" و"سين غيريا"، واللذان يُسلطان الضوء على الأرشيف النادر للثورة التحريرية من خلال عدسة المصور  ستيفان لابدوفيتش، الذي رافق الثورة ووثّق مشاهدها بأمانة وإبداع. من إخراج المخرجة MILA TRAJILIC من صربيا 

و يتطرق الفيلم الوثائقي الطويل "عدم الانحياز, مشاهد من بكرات لابودوفيتش", لمسار المصور الصحفي اليوغسلافي, ستيفان لابودوفيتش (1926- 2017), المصور الشخصي للزعيم اليوغوسلافي, جوزيف بروس تيتو, منذ 1954 والذي رافقه في أبرز محطاته السياسية ورحلاته الدولية, وقد اعتمدت المخرجة على رصيد ثري من لفافات أفلام حملت ذكريات بصرية من زمن التحرر وميلاد فكرة عدم الانحياز.

ويتطرق هذا العمل إلى أبرز محطات ومسارات هذا المصور الصحفي, الذي كان يعمل في الوكالة اليوغسلافية للإنتاج السينمائي "فيلمسكي نوفستي", والذي رافق الزعيم التاريخي, تيتو, في رحلاته عبر العالم ووثق لمختلف الأحداث السياسية الدولية التي عايشها والزعماء الذين قابلهم, فأصبح يعرف في بلاده بلقب "مصور تيتو".

وترافق المخرجة الصربية, ميلا توراجليتش, بالكاميرا وعلى مدار 104 دقائق ذاكرة المصور ستيفان لابودوفيتش بلمسة من الحنين والدعابة, بالتطرق إلى مختلف الأحداث السياسية التي قام بتغطيتها كمصور صحفي داخل وخارج يوغسلافيا, أبرزها المؤتمر الأول لحركة عدم الانحياز الذي احتضنته بلغراد في 1961, أين التقط الكثير من الصور المؤرخة له وللزعماء الذين حضروا تلك القمة.

وقد غذت المخرجة هذا العمل التسجيلي, الذي يعكس قوة السينما كأداة في النضال السياسي, بمجموعة من الحوارات السابقة مع لابودوفيتش منذ لقائها به في الجزائر في 2013, مرفوقة بالكثير من الصور والفيديوهات الأرشيفية الشاهدة على المسار الحافل لهذا المصور بكل من بلغراد (مؤتمر بلغراد) ونيويورك (الأمم المتحدة) وغانا ومصر وغيرها من الدول.

ومن جهة أخرى, غاص جمهور السينماتيك في لحظات تاريخية نادرة عبر الوثائقي الثاني الموسوم "سينما الحرب: رحلة ستيفان لابودوفيتش مع ثورة التحرير", ليروي مسار المصور لابودوفيتش, الذي وثق أحداث هامة من الكفاح المسلح والثورة الجزائرية بتكليف من الرئيس تيتو, اعتمادا على مجموعة كبيرة من صور الثورة التحريرية وتسجيلات توثق بالصوت والصورة يوميات الكفاح والثورة والمعارك وغيرها من المحطات التي ساهمت في دحض الدعاية الفرنسية, ما ساهم في التعريف بالقضية الجزائرية على المستوى الدولي.

كما يتتبع هذا الوثائقي مسار المصور لابودوفيتش المعروف بالتزامه بالقضايا العادلة, والذي خلد بعدسته محطات بارزة من النضال الجزائري ضد الاستعمار الفرنسي وأبرز لحظات الثورة التحريرية, بدءا بحلوله بالجزائر في 1959 بطلب من جوزيف بروس تيتو في مهمة لالتقاط الصور مساندة للقضية الجزائرية في مواجهة آلة الدعاية الفرنسية ولتعريف العالم بكفاح الشعب الجزائري من أجل التحرر من الاستعمار الفرنسي.

العرض، الذي أقيم يوم 29 جوان 2025 بقاعة سينماتيك الجزائر شهد حضور المخرجة الصربية ميلا ترايليتش لمناقشة الأفلام وإثراء النقاش حول دور الصور والأفلام الوثائقية في حفظ الذاكرة الوطنية.  


عاش لابودوفيتش, المولود في بلدية بيران سيرنا غوار (الجبل الأسود حاليا) بيوغسلافيا (صربيا حاليا) في الـ28 ديسمبر 1926، في الجزائر خلال حقبة ثورة التحرير لثلاث سنوات أرخ خلالها عبر عدسته لحوادث وشخصيات ثورية حيث التحق بالجزائر في 1959 ولم يغادرها إلا بعد الاستقلال ليبقى مرتبطا بها طوال السنوات الماضية.

و كان لصوره الملتقطة التأثير الكبير في الرأي العام العالمي من خلال ربط واقع الثورة في الجزائر ضد الدعاية الاستعمارية التي تهون مما يحدث وتصف الثوار الجزائرييين بالإرهابيين وقطاع الطرق .

ولم تتوقف عدسة لابودوفيتش عند رصد حياة المقاومة والنضال داخل الجزائر فقط، بل رافقت مسؤوليها إلى الخارج، فأرّخ لزيارات عدّة رؤساء على غرار الراحلين هواري بومدين، والشادلي بن جديد، كما أرخ لزيارة الرئيس جوزيف بوز تيتو إلى الجزائر وغيرها من اللقاءات الرسمية.

أعمال وثائقية كثيرة منوعة بين القصيرة والطويلة لستيفان لابودوفيتش منها “تيتو أمام التاريخ” (1985)، “يوغزلافيا وحركات التحرير” (1983)، “الإرهابيون” و(ثائقي قصير)، “القمة السابعة”، “سراييفو تنتظرك” (1983)، “تيتو وكوسوفا” ( 1980)، “نفس القمة في هافانا” (1979)، “يوم واحد في الكويت” (1978)، “تيتو طريق الصداقة والتعاون ” (وثائقي /1977)،  “تيتو أول مسافر” (قصير/1976)، “معمر القذافي في يوغزلافيا” فيلم وثائقي قصير (1973)، “البلد والشعب” 1976 (فيلم وثائقي قصير)…وغيرها.

وكان آخر حضور للمصور بالجزائر من خلال معرض فوتوغرافي بالعاصمة في 2015 ضمن الأيام الثقافية الصربية بالجزائر والذي ضم 37 صورة فوتوغرافية من آخر ما التقطه المصور خلال زيارته الأخيرة للجزائر.

كما شارك في 2013 في معرض "جنود بالأبيض والأسود" بالجزائر أين التقط صور عرضت بصربيا والجزائر.

وسبق أن لجمعية أصدقاء الجزائر بالتعاون مع سفارة الجزائر في بلغراد تنظيم احتفالا بالعيد 90 لميلاد مصور الثورة الجزائرية بمقر متحف تاريخ يوغسلافيا ببلغراد

هذه الفعالية تأتي ضمن سلسلة أنشطة تهدف إلى إثراء المشهد الثقافي الجزائري وخلق فضاءات للتبادل المعرفي بين المحترفين والهواة. وقد عبر المنظمون عن أملهم في أن تكون مثل هذه اللقاءات دافعاً لإنتاج أعمال سينمائية جزائرية تحمل رؤى جديدة وتتنافس عالمياً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق