الأحد، 19 يناير 2025

الجلسات الوطنية حول السينما في الجزائر



شهد القطاع السينمائي الجزائري خلال السنوات الأخيرة ديناميكية إصلاحية وهيكلية، تهدف إلى جعله أحد الركائز الأساسية للتنمية الثقافية والاقتصادية في البلاد. هذه الرؤية السياسية، التي أطلقها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، مكنت من تحقيق خطوات ملموسة نحو تأسيس صناعة سينمائية حديثة وتنافسية.

تتجاوز السينما الجزائرية دورها كوسيلة فنية وثقافية، لتصبح أداة قوية في تعزيز الهوية الوطنية والانفتاح على العالم. فهي تحمل إمكانات كبيرة للإسهام في تعزيز الإشعاع الثقافي للجزائر والمشاركة الفعّالة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

لقد أسفرت الجهود المبذولة عن تحقيق إصلاحات تشريعية وهيكلية كبرى، تُوجت بإصدار قانون الصناعات السينمائية ، الذي يُعتبر إطارًا قانونيًا متينًا لتحقيق الأهداف التالية:

• تحديث حوكمة القطاع من خلال تحديد واضح للأدوار والمسؤوليات بين الفاعلين العموميين والخواص.

• هيكلة تمويل الصناعة السينمائية عبر تشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص وتنويع آليات الدعم المالي.

• تعزيز الشفافية والرقابة من خلال هيئات متخصصة تشرف على متابعة ومراقبة الإنتاج السينمائي.

• تطوير القدرات البشرية من خلال إنشاء المعهد الوطني العالي للسينما – محمد لخضر حمينة، ليكون فضاءً لتكوين الكفاءات المستقبلية وتعزيز مهارات العاملين في القطاع.

وترافق هذه الإصلاحات عناية خاصة بحفظ التراث السينمائي الوطني، وتشجيع المواهب الشابة، وتعزيز مكانة السينما الجزائرية في المحافل الإقليمية والدولية.

السينما: رهان استراتيجي للجزائر

السينما ليست مجرد شكل من أشكال الفن، بل هي رافعة استراتيجية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. فهي، باعتبارها مرآة تعكس واقع المجتمع وأداة لنقل الذاكرة الجماعية، تساهم في:


- تعزيز الانتماء الوطني وترسيخ الهوية الثقافية.

- خلق فرص عمل ضمن قطاع يتميز بالحركية والديناميكية.

- تسويق صورة الجزائر وإرثها التاريخي والحضاري على الساحة الدولية.

- الترويج للجزائر كوجهة سياحية وسينمائية جاذبة للاستثمارات والإنتاجات العالمية.

التحديات :

على الرغم من الإنجازات المهمة التي تحققت خلال السنوات الأخيرة، لا يزال القطاع السينمائي الجزائري يواجه مجموعة من التحديات الهيكلية والوظيفية، أبرزها:

- ضعف مصادر التمويل المستدامة والمتنوعة التي تضمن استمرارية المشاريع السينمائية.

- نقص في البنية التحتية الملائمة والعصرية المخصصة للصناعة السينمائية.

- غياب التنسيق والوضوح في الحوكمة، مما يؤدي إلى تداخل في الأدوار والمهام بين المؤسسات المختلفة.

- الهشاشة المهنية في غياب اتفاقيات جماعية تحمي حقوق العاملين في القطاع.

- ضعف الجاذبية الجماهيرية وصعوبة استقطاب الجمهور ودفعه للعودة إلى قاعات السينما.

- التأخر في تبني التكنولوجيا الحديثة في مجالات الإنتاج، التوزيع، والحفظ السينمائي.

- تدني التواجد الدولي للسينما الجزائرية على المنصات العالمية والأسواق الخارجية.

- محدودية برامج التوعية السينمائية في المؤسسات التعليمية والثقافية.

II. الأهداف والقضايا الرئيسية

الجلسات الوطنية كأداة استراتيجية

تندرج الجلسات الوطنية حول السينما ضمن رؤية شاملة ومنسقة، تتماشى مع الطموحات الوطنية وتستجيب لتحديات القطاع السينمائي المعاصر. تُعد هذه الجلسات محطة حاسمة لتعزيز المكتسبات المحققة، إطلاق ديناميكية جديدة، وبناء خارطة طريق واضحة تعكس التطلعات المستقبلية للسينما الجزائرية.

تمثل هذه الجلسات فضاءً استراتيجيًا لتقييم الإنجازات المحققة ميدانيًا، وفهم التحديات المستمرة، وصياغة حلول واقعية وملموسة. وتهدف إلى:

تقييم التقدم المحقق على المستوى التشريعي والهيكلي:

- دراسة فعالية الآليات التي أُدخلت بموجب قانون الصناعة السينمائية.

- تحديد الممارسات الجيدة والوقوف على أوجه القصور التي تتطلب تحسينات.

تعزيز الإطار المؤسسي والتنظيمي:

- تقوية آليات الحوكمة والرقابة لضمان شفافية وفعالية الأداء.

- تحديد الأدوار والمسؤوليات بوضوح بين القطاعين العام والخاص.

هيكلة التمويل والاستثمار:

- تشجيع نماذج اقتصادية مستدامة ومبتكرة لتمويل المشاريع السينمائية.

- تسهيل وصول المنتجين والمبدعين إلى مصادر التمويل العامة والخاصة.

تعزيز الأخلاقيات والعلاقات المهنية:

- وضع مواثيق شرف مهنية واضحة تنظم العمل داخل القطاع.

- تشجيع علاقات مهنية قائمة على الشفافية والاحترام المتبادل.

استعادة ثقة الجمهور وجذبهم إلى القاعات السينمائية:

- تطوير استراتيجيات لاستقطاب الجمهور وتعزيز تفاعله مع الإنتاجات السينمائية المحلية.

- دعم المبادرات المحلية مثل المهرجانات والنوادي السينمائية.

تشجيع الابتكار والتكيف مع التطور التكنولوجي:

- إدماج التكنولوجيا الحديثة في عمليات الإنتاج والتوزيع السينمائي.

- تعزيز قدرات العاملين في القطاع من خلال التكوين المستمر في المجالات الرقمية.





الأهداف المحددة والعملياتية

تُترجم هذه الأهداف الاستراتيجية إلى خطوات عملية، تعتمد على آليات تنفيذ دقيقة ومؤشرات واضحة لقياس النجاح، وفق واقع القطاع السينمائي الجزائري:

إرساء حوار شامل وبنّاء يجمع مختلف الفاعلين (قطاع عام، قطاع خاص، أكاديميون، أفراد الجالية، المجتمع المدني).

إعداد خارطة طريق عملية تستند إلى توصيات الخبراء والمهنيين.

تعبئة الموارد المالية والبشرية المستدامة لضمان استمرارية الإصلاحات المقررة.

تعزيز التعاون بين القطاعات المختلفة لضمان تنسيق فعّال في تنفيذ السياسات السينمائية.

إنشاء منصة حوار دائمة تربط بين مختلف الفاعلين في المجال السينمائي.

صياغة توصيات دقيقة وقابلة للتطبيق لكل محور من محاور النقاش.

إرساء آليات للمتابعة والتقييم لضمان استدامة القرارات المتخذة.

تعزيز التعاون الدولي بهدف تطوير صناعة سينمائية تنافسية على الصعيد العالمي.


III. المحاور الاستراتيجية للجلسات الوطنية حول السينما

تتمحور الجلسات الوطنية حول السينما حول خمسة محاور أساسية، تم تحديدها للاستجابة للتحديات المعاصرة التي يواجهها قطاع السينما الجزائري. يمثل كل محور ركيزة استراتيجية تتيح معالجة التحديات المطروحة واقتراح حلول عملية ومستدامة.

المحور الأول: اقتصاد وتمويل السينما

يهدف هذا المحور إلى ضمان اقتصاد سينمائي مستدام ومتنوع من خلال تعبئة الموارد العامة والخاصة.

تحسين آليات التمويل العام.

تشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص والتمويلات البديلة.

تقديم حوافز ضريبية لجذب الاستثمارات.

هيكلة اقتصاد يعتمد على الإنتاج والتوزيع واستغلال الأعمال السينمائية.

الهدف العملياتي: خلق بيئة اقتصادية جاذبة وشفافة لتطوير المشاريع السينمائية.


المحور الثاني: الحوكمة والإطار التنظيمي للسينما

يهدف هذا المحور إلى تعزيز الإطار القانوني والمؤسسي لتحقيق حوكمة حديثة وشفافة للقطاع.

التنفيذ الفعّال لأحكام قانون الصناعة السينمائية.

توضيح الأدوار والمسؤوليات بين المؤسسات المختلفة.

إنشاء هيئات تنظيمية لضمان متابعة فعّالة للسياسات العامة.

تعزيز التعاون بين المؤسسات المختلفة.

الهدف العملياتي: ضمان إطار تنظيمي متناسق يتماشى مع واقع القطاع السينمائي.


المحور الثالث: الأخلاقيات والعلاقات المهنية

من الضروري إقامة بيئة مهنية محترمة تقوم على ميثاق أخلاقي واضح وتنظيم شفاف.

إعداد وتطبيق اتفاقيات جماعية للمهن السينمائية.

تنظيم العلاقات التعاقدية وشروط العمل.

تشجيع التنوع والشمولية في المهن السينمائية.

إنشاء آليات للوساطة المهنية.

الهدف العملياتي: ترسيخ ثقافة مهنية صحية تحترم القواعد والأخلاقيات.


المحور الرابع: الجمهور وتوزيع الأعمال السينمائية

يهدف هذا المحور إلى إعادة بناء العلاقة بين الأفلام الجزائرية وجمهورها من خلال إحياء فضاءات العرض ودعم المبادرات المحلية.

إعادة تأهيل وتحديث قاعات السينما.

تطوير استراتيجيات لجذب الجمهور وضمان وفائه.

تشجيع الأندية السينمائية والمهرجانات والفعاليات المحلية.

إنشاء مبادرات تربوية وثقافية لتعزيز ثقافة السينما.

الهدف العملياتي: إعادة تنشيط العلاقة بين الجمهور والسينما الوطنية.


المحور الخامس: الرقمنة، التكنولوجيا وحفظ التراث السينمائي

يهدف هذا المحور إلى تحديث قطاع السينما الجزائري من خلال رقمنة الأرشيف السينمائي، تحديث الأدوات التكنولوجية، وإنشاء منصات رقمية مخصصة، مع ضمان إطار أخلاقي واضح لاستخدام التقنيات الحديثة.

رقمنة وحفظ الأرشيف السينمائي.

تحديث البنية التحتية التكنولوجية.

إنشاء منصات رقمية لبث وتوزيع الأعمال السينمائية.

تقديم تكوين متخصص في المهن الرقمية المتعلقة بالسينما.

الهدف العملياتي: ضمان انتقال رقمي فعّال يساهم في حفظ وتعزيز التراث السينمائي الجزائري بشكل مستدام.

المحور الأول: الاقتصاد وتمويل السينما

1. إشكالية الورشة

على الرغم من الإرادة السياسية القوية والإطار التشريعي الحديث، لا يزال قطاع السينما الجزائري يعاني من صعوبة جذب الاستثمارات المستدامة والمتنوعة. إن الاعتماد الكبير على التمويل العام والضعف في الشراكات مع القطاع الخاص يشكلان عقبة أمام تطور صناعة سينمائية وطنية تنافسية.

المشكلة الأساسية: كيف يمكن تعزيز جاذبية القطاع السينمائي للاستثمارات الوطنية والدولية مع تنويع آليات التمويل وضمان إدارة شفافة وفعّالة للموارد المالية؟

2. الوضعية الحالية

ضعف استغلال الحوافز الضريبية والمالية من قِبل المستثمرين.

ندرة الصناديق المتخصصة لدعم الإنتاج السينمائي.

غياب مساهمة واضحة من القنوات التلفزيونية الوطنية والخاصة في تمويل وبرمجة المحتوى السينمائي.

نقص الشراكات بين القطاعين العام والخاص.

غياب رؤية واضحة لأطر التعاون الدولي في الإنتاج السينمائي المشترك.

محدودية الفرص الاستثمارية في البنى التحتية السينمائية.

3. الأهداف المنتظرة من الورشة

تهيئة بيئة مشجعة للاستثمار الوطني والدولي في القطاع السينمائي.

تحسين آليات الحوافز الضريبية والمالية لتشجيع المستثمرين.

اقتراح إطار قانوني يُلزم القنوات التلفزيونية بالمساهمة في تمويل الإنتاج السينمائي.

تطوير صناديق متخصصة لدعم الإنتاج السينمائي.

تشجيع الإنتاج المشترك مع إطار قانوني جذّاب.

تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص لدعم البنية التحتية السينمائية.

4. محاور النقاش

1. كيف يمكن تعزيز جاذبية الحوافز الضريبية والمالية للاستثمار السينمائي؟

2. ما هي أفضل الآليات لإنشاء صناديق دعم متخصصة للإنتاج السينمائي؟

3. كيف يمكن تفعيل الشراكات بين القطاعين العام والخاص لدعم البنية التحتية؟

4. ما هو الإطار المناسب لإلزام القنوات التلفزيونية بالمساهمة في تمويل السينما؟

5. كيف يمكن تبسيط إجراءات الوصول إلى مصادر التمويل العامة والخاصة؟

6. كيف يمكن تعزيز مكانة الجزائر كوجهة إقليمية لصناعة السينما؟

7. ما هي الآليات التي تضمن إدارة شفافة وفعالة للموارد المالية المخصصة للسينما؟

المحور الثاني: الحوكمة والإطار التنظيمي لقطاع السينما

1. إشكالية الورشة

على الرغم من التقدم المحرز من خلال قانون الصناعة السينمائية لعام 2024، لا تزال هناك تحديات كبيرة تتعلق بتطبيق النصوص التشريعية، وتداخل الصلاحيات بين مختلف الهيئات، وغياب التنسيق الفعّال بين الفاعلين المؤسسيين.

المشكلة الأساسية: كيف يمكن ضمان حوكمة فعّالة وشفافة ومتناغمة للقطاع السينمائي الجزائري مع التطبيق الأمثل للأطر القانونية القائمة؟

 2. الوضعية الحالية

قانون حديث لكنه لا يزال في مرحلة التطبيق الأولية.

ضعف التنسيق بين الجهات المعنية، مما يؤدي إلى تداخل الصلاحيات.

نقص في آليات المتابعة والتقييم المنتظم للسياسات السينمائية.

غياب إطار واضح لتنظيم سلسلة الإنتاج والتوزيع والعرض السينمائي.

3.  الأهداف المنتظرة من الورشة

تحليل فعالية آليات الحوكمة الحالية.

تحديد الفجوات في تطبيق النصوص التشريعية.

اقتراح آليات لتحسين التنسيق بين المؤسسات المعنية.

تعزيز قدرات الهيئات التنظيمية لمتابعة تنفيذ السياسات العامة.

وضع مؤشرات دقيقة لقياس تأثير السياسات السينمائية.

4.  محاور النقاش

1. ما هي التحديات الرئيسية في تطبيق قانون الصناعة السينمائية؟

2. كيف يمكن تحسين التنسيق بين المؤسسات العامة والخاصة؟

3. ما هي أفضل الآليات لضمان متابعة دقيقة لتنفيذ السياسات العامة؟

4. كيف يمكن تجنب التداخل في الصلاحيات بين مختلف الهيئات؟

5. ما هي الأدوات الممكنة لدعم التنفيذ التدريجي والفعّال للتشريعات الجديدة؟


المحور الثالث: الأخلاقيات والعلاقات المهنية في قطاع السينما

1. إشكالية الورشة

لا تزال العلاقات المهنية داخل القطاع السينمائي الجزائري تعاني من هشاشة بسبب غياب اتفاقيات عمل جماعية واضحة. تسود عقود العمل غير الرسمية، مما يؤدي إلى انعدام الضمانات الأساسية للعاملين في القطاع.

المشكلة الأساسية: كيف يمكن وضع إطار مهني واضح وشفاف يعزز بيئة عمل لائقة تحفظ حقوق جميع الأطراف المعنية؟

2. الوضعية الحالية

غياب اتفاقيات جماعية تنظّم علاقات العمل.

انتشار العقود غير الرسمية في القطاع.

ضعف الإطار القانوني الذي ينظم الأجور وظروف العمل.

غياب آليات فعّالة للوساطة المهنية في حالات النزاع.

3. الأهداف المنتظرة من الورشة

وضع إطار تنظيمي يضمن علاقات مهنية سليمة.

توحيد عقود العمل ضمن معايير قانونية واضحة.

تفعيل آليات الوساطة في النزاعات المهنية.

نشر ثقافة الوعي بالمعايير القانونية والمهنية بين العاملين في القطاع.

4. محاور النقاش

1. ما هي أفضل النماذج لتنفيذ اتفاقيات جماعية في قطاع السينما؟

2. كيف يمكن توحيد عقود العمل لتحقيق الشفافية؟

3. ما هي الآليات الفعّالة للوساطة المهنية؟

4. كيف يمكن تعزيز التوعية القانونية في أوساط العاملين بالقطاع؟












المحور الرابع: الجمهور وتوزيع الأعمال السينمائية


1. إشكالية الورشة

لا يزال قطاع السينما في الجزائر يواجه تحديات كبيرة في إعادة بناء العلاقة مع الجمهور وتعزيز ثقافة ارتياد قاعات السينما. تتطلب هذه المسألة تفكيرًا عميقًا حول استراتيجيات فعّالة لتحديث البنية التحتية، وتنويع المحتوى السينمائي، وتحسين الوصول إلى الأعمال السينمائية على مستوى جميع مناطق البلاد.

المشكلة الأساسية: كيف يمكن وضع استراتيجيات فعّالة لإعادة بناء العلاقة بين الجمهور والسينما الجزائرية، وضمان توزيع عادل ومتوازن للأفلام عبر مختلف مناطق الوطن؟


2. الوضعية الحالية

تهالك البنية التحتية السينمائية: العديد من القاعات السينمائية تعاني من التدهور وتحتاج إلى إعادة تأهيل.

تفاوت الوصول إلى قاعات العرض: تتركز معظم قاعات السينما في المدن الكبرى، مع غياب شبه تام في المناطق الريفية والداخلية.

ضعف المبادرات المحلية: النوادي السينمائية والمهرجانات المحلية تفتقر إلى الدعم الكافي لضمان استمراريتها.

نقص في الاستراتيجيات التسويقية: الحملات الترويجية للأفلام الجزائرية تظل محدودة وغير فعّالة.

ضعف التكامل بين القطاع العام والخاص: غياب الشراكات المستدامة لتشغيل وصيانة البنية التحتية السينمائية.


3. الأهداف المنتظرة من الورشة

تحديد الآليات الفعّالة لاسترجاع وإعادة تأهيل وتحديث قاعات السينما القائمة.

اقتراح استراتيجيات لضمان التوزيع العادل للأعمال السينمائية عبر مختلف المناطق.

تطوير استراتيجيات برمجة متوازنة بين الأفلام المحلية والدولية.

تعزيز دور النوادي السينمائية والمهرجانات كأدوات تربوية وثقافية.

صياغة حملات توعية فعّالة لاستقطاب الجمهور إلى قاعات السينما.

تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص لإعادة تفعيل البنية التحتية السينمائية.


4. محاور النقاش

1. إعادة تأهيل البنية التحتية السينمائية: ما هي النماذج الاقتصادية الأكثر كفاءة لتحديث قاعات السينما؟

2. توزيع جغرافي عادل لقاعات السينما: كيف يمكن ضمان وصول الأعمال السينمائية إلى جميع الفئات السكانية؟

3. تنويع البرمجة السينمائية: ما هي الاستراتيجيات المناسبة لضمان حضور قوي للأفلام الجزائرية على الشاشة؟

4. دعم النوادي السينمائية والمهرجانات المحلية: كيف يمكن تعزيز هذه المبادرات وضمان استمراريتها؟

5. تسويق الأفلام الجزائرية: ما هي أفضل الاستراتيجيات لجذب جمهور متنوع ومتعدد الاهتمامات؟

6. التكامل بين القطاعين العام والخاص: كيف يمكن بناء شراكات فعّالة ومستدامة لتسيير القاعات السينمائية؟






المحور الخامس: الرقمنة، التكنولوجيا وحفظ التراث السينمائي

1. إشكالية الورشة

تشكل التحولات الرقمية محورًا رئيسيًا ضمن الرهانات المعاصرة في الجزائر. وتبرز بشكل خاص التحديات المتعلقة بـرقمنة الأرشيف السينمائي، وتحديث أدوات الإنتاج وما بعد الإنتاج، وإنشاء منظومة رقمية متكاملة وقوية. كما يتعين على القطاع الاستعداد لمواجهة التطورات السريعة التي تفرضها أدوات مثل الذكاء الاصطناعي، مع ضمان أن يتم دمج هذه الابتكارات ضمن إطار أخلاقي واضح وراسخ.

الإشكالية المركزية: كيف يمكن للانتقال الرقمي أن يساهم في حفظ التراث السينمائي الجزائري، وتحديث سلسلة الإنتاج، وتسهيل الوصول إلى المحتوى السينمائي؟

2. الوضعية الحالية

رقمنة غير مكتملة للأرشيف السينمائي: لا تزال العديد من الأفلام التاريخية والوثائق المرتبطة بها غير مرقمنة، مما يجعلها عرضة للتلف والضياع.

تقادم الأدوات التكنولوجية: تفتقر المعدات المستخدمة في الإنتاج وما بعد الإنتاج والحفظ الرقمي إلى التحديث والفعالية المطلوبة.

منصات رقمية غير كافية: هناك غياب واضح لمنصات وطنية متينة لضمان بث المحتوى السينمائي والوصول إليه بسهولة.

نقص في التكوين المتخصص: يفتقر المحترفون في القطاع إلى التكوين اللازم لاستخدام الأدوات الرقمية وأحدث التقنيات المتعلقة بالرقمنة.

إطار أخلاقي ضعيف: يتم دمج التقنيات الحديثة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، دون وجود إطار قانوني وأخلاقي منظم وواضح.

3. الأهداف المتوقعة من الورشة

تسريع رقمنة الأرشيف السينمائي الجزائري لضمان حفظه وإتاحته بسهولة.

تحديث الأدوات التكنولوجية المستخدمة في الإنتاج وما بعد الإنتاج والحفظ الرقمي.

إنشاء منصات رقمية وطنية قوية لبث المحتوى السينمائي وضمان الوصول إليه من قبل الجمهور والباحثين.

تطوير برامج تكوين متخصصة تستجيب لمتطلبات المهن التقنية والرقمية في القطاع السينمائي.

وضع إطار أخلاقي واضح لاستخدام الذكاء الاصطناعي ضمن عمليات الإبداع والترميم وبث المحتوى السينمائي.

4. محاور النقاش

1. استراتيجيات الرقمنة: ما هي الآليات والمنهجيات الكفيلة بتسريع رقمنة التراث السينمائي الجزائري؟

2. تحديث الأدوات الرقمية: ما هي الاستثمارات ذات الأولوية لتجهيز القطاع بأحدث الأدوات اللازمة للإنتاج والحفظ الرقمي؟

3. إنشاء منصات رقمية: كيف يمكن تطوير منصات وطنية قوية ودائمة لضمان بث واستشارة المحتوى السينمائي الرقمي؟

4. التكوين المتخصص: ما هي البرامج التدريبية اللازمة لتطوير المهارات التقنية المطلوبة في المهن السينمائية الرقمية؟

5. التعاون المؤسسي: كيف يمكن تعزيز الشراكات بين الفاعلين الحكوميين، والقطاع الخاص، والمؤسسات الدولية لضمان نجاح التحول الرقمي في القطاع السينمائي؟




الجمعة، 17 يناير 2025

تتويج الفيلم الجزائري “فرانز فانون” بجائزة لجنة التحكيم في مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية



 توج الفيلم الجزائري “فرانز فانون” للمخرج الجزائري عبد النور زحزاح، بجائزة لجنة التحكيم في الدورة الـ 14 لمهرجان الأقصر للسينما الإفريقية، حسب بيان لوزارة الثقافة.

وجاء في البيان: تقدم وزير الثقافة والفنون زهير بللو، بأسمى عبارات التهنئة والتبريكات للمخرج الجزائري عبد النور زحزاح، وكل فريق العمل، بمناسبة التتويج بجائزة لجنة التحكيم في الدورة 14 لمهرجان الأقصر للسينما الإفريقية عن فيلم “فرانز فانون”، والذي يدخل ضمن سلسلة الأفلام المدعمة من طرف وزارة الثقافة والفنون، وهو عبارة عن إنتاج مشترك مدعم بين المركز الجزائري لتطوير السينما ومؤسسة الإنتاج السينمائي “أطلس فيلم للإعلام”.

وسبق للفيلم المشاركة في مهرجان “برلين الدولي” كعرض شرفي أول الطبعة السابقة، كما تم عرض الفيلم كعرض شرفي أول في الجزائر بقاعة “ابن زيدون”، من تنظيم المركز الجزائري لتطوير السينما في 29 أكتوبر 2024.

وبهذه المناسبة السانحة، يُقدم السيد “زهير بللو” وزير الثقافة والفنون التهاني لكل من تفوّق في مختلف المسابقات والجوائز المنظمة وطنيا وعالميا في مجال السينما، مُعرباً عن تشجعيه لمثل هذه المشاركات، لما لها من فائدة في الترويج للمنتجات توج الفيلم الجزائري “فرانز فانون” للمخرج الجزائري عبد النور زحزاح، بجائزة لجنة التحكيم في الدورة الـ 14 لمهرجان الأقصر للسينما الإفريقية، حسب بيان لوزارة الثقافة.

وجاء في البيان: تقدم وزير الثقافة والفنون زهير بللو، بأسمى عبارات التهنئة والتبريكات للمخرج الجزائري عبد النور زحزاح، وكل فريق العمل، بمناسبة التتويج بجائزة لجنة التحكيم في الدورة 14 لمهرجان الأقصر للسينما الإفريقية عن فيلم “فرانز فانون”، والذي يدخل ضمن سلسلة الأفلام المدعمة من طرف وزارة الثقافة والفنون، وهو عبارة عن إنتاج مشترك مدعم بين المركز الجزائري لتطوير السينما ومؤسسة الإنتاج السينمائي “أطلس فيلم للإعلام”.

وسبق للفيلم المشاركة في مهرجان “برلين الدولي” كعرض شرفي أول الطبعة السابقة، كما تم عرض الفيلم كعرض شرفي أول في الجزائر بقاعة “ابن زيدون”، من تنظيم المركز الجزائري لتطوير السينما في 29 أكتوبر 2024.

وبهذه المناسبة السانحة، يُقدم  “زهير بللو” وزير الثقافة والفنون التهاني لكل من تفوّق في مختلف المسابقات والجوائز المنظمة وطنيا وعالميا في مجال السينما، مُعرباً عن تشجعيه لمثل هذه المشاركات، لما لها من فائدة في الترويج للمنتجات السينمائية الجزائرية التي تتسم بالإتقان والمستوى العالي، وتثميناً للطاقات الجزائرية المتخصصة في مختلف مهن السينما. الجزائرية التي تتسم بالإتقان والمستوى العالي، وتثميناً للطاقات الجزائرية المتخصصة في مختلف مهن السينما.

الخميس، 16 يناير 2025

رحيل المخرج المبدع ديفيد لينش عن عمر ناهز 78

 


توفي المخرج المبدع ديفيد لينش عن عمر ناهز 78 عامًا، وأكدت عائلتة وفاته عبر مواقع التواصل الاجتماعي يوم الخميس.

وجاء في بيان الأسرة: "ببالغ الأسف، نعلن نحن عائلته وفاة الرجل والفنان ديفيد لينش. ونتمنى أن يحظى الفنان ببعض الخصوصية في هذا الوقت".

وأضافت عائلة لينش: "هناك فجوة كبيرة في العالم الآن بعد رحيله عنا"

وُلِد لينش عام 1946 في ميسولا، مونتانا. بدأ مسيرته السينمائية في الستينيات،بعد سنوات قضاها كرسام ومنتج لأفلام الرسوم المتحركة القصيرة والأفلام الحية، اقتحم لينش الساحة بفيلمه الروائي الطويل الأول "Eraserhead" عام 1977، وهو عمل مرعب ذو طابع ساخر أسود أصبح من المعالم المزعجة في عالم أفلام منتصف الليل. وسرعان ما نال أسلوبه الغريب الذي لا يقبل المساومة اهتمام هوليوود ومؤسسة صناعة الأفلام الدولية. 

كان فيلم لينش التالي هو "الرجل الفيل" في ثمانينيات القرن العشرين، والذي يدور حول رجل مشوه للغاية يعيش في لندن. 


لا يزال فيلم "الرجل الفيل" يمثل أعظم انتصار تجاري حققه لينش، فضلاً عن كونه أحد أكثر أعماله إشادة من جانب النقاد. وقد رُشِّح لثماني جوائز أوسكار، بما في ذلك جائزتا أفضل مخرج وأفضل سيناريو مقتبس للينش، كما دفعت الصرخة التي أطلقها النقاد على حقيقة عدم حصول الماكياج الاستثنائي في الفيلم على أي تكريم، الأكاديمية إلى إنشاء فئة أفضل مكياج وتصفيف شعر في العام التالي. لقد فازت قصة جوزيف ميريك (الذي يُدعى هنا جون، والذي جسده جون هيرت)، وهو رجل مشوه بشكل فظيع تم إنقاذه من عرض غريب في لندن بواسطة الجراح اللطيف الدكتور فريدريك تريفز (أنتوني هوبكنز)، بجائزة توني، فضلاً عن فيلم تلفزيوني ومسرحية إذاعية. ولكن عين لينش وبصرياته المميزة (بمساعدة التصوير السينمائي الرائع بالأبيض والأسود لفريدي فرانسيس) هي التي ساعدت بصريًا في جعل "الرجل الفيل" تجربة فريدة من 

وقد أعقب هذا الفيلم بفيلم "Dune" عام 1984، و"Blue Velvet" عام 1986، و"Wild At Heart" عام 1990. ولم تحقق نسخة لينش من فيلم "Dune" نجاحًا كبيرًا في شباك التذاكر. ومنذ ذلك الحين، أعاد دينيس فيلنوف إنتاج أوبرا الفضاء الملحمية مع زندايا وتيموثي شالاميت في الأدوار الرئيسية.

. وفي 1997 أخرج فيلم «Lost Highway» وشكل تطوراً جديداً في موضوعاته السريالية، وبعد عامين أخرج فيلم The Straight Story، واستند إلى قصة حقيقية لرجل يسافر مئات الأميال على جزازة العشب.

في مسيرة مليئة بالأفلام غير التقليدية، لا بد أن يكون فيلم "Inland Empire" إمبراطورية داخلية (2006) للمخرج لينش أحد أغرب أفلامه. فمع مدة تشغيل تبلغ ثلاث ساعات بالضبط، يدور الفيلم في ظاهره حول قصة نيكي (لورا ديرن)، الممثلة التي تحاول العودة إلى الأضواء، فتحصل على دور رائع وتبدأ علاقة غرامية مع زميلها في البطولة (جاستن ثيروكس)، وهو ما يعكس سلوك الشخصيات في الفيلم. ولكن نظرًا لأن هذا فيلم لديفيد لينش، فإن الأمور ليست دائمًا كما تبدو حيث تتجول الشخصيات عبر سلسلة من المشاهد، حيث تتساءل نيكي عما إذا كانت هذه الأحداث تحدث حقًا أم أنها تفقد 

ورُشِّح لينش مرّات عدة لجوائز الأوسكار، وحصل على واحدة فخرية منها عام 2019 عن مجمل أعماله السينمائية. وفي فرنسا، فاز بجائزة سيزار لأفضل فيلم أجنبي عن فيلم "مولهولاند درايف"(طريق مولهولاند).


يركز ، "طريق مولهولاند"، على الوافدة الجديدة إلى لوس أنجلوس بيتي إلمز (نعومي واتس)، الممثلة الطموحة التي تقرر الإقامة في شقة عمتها لتجدها مأهولة بامرأة تدعى ريتا (لورا إيلينا هارينج) وتعاني من فقدان الذاكرة. وفي محاولة لتنشيط ذاكرتها، تبحث بيتي في محفظة ريتا وتكتشف مبلغًا كبيرًا من المال ومفتاحًا أزرق. وفجأة يظهر لغز يقود المرأتين إلى حفرة أرنب

بعد فيلم "مولهولاند درايف"  - الذي عدّه بعض النقاد أعظم فيلم في هذا القرن حتى الآن - وصف المخرج ذو النظرة الثاقبة ما يمكننا أن نطلق عليه "قمة لينش المزدوجة" عام 2007 بتحفته السوداء الملتهبة "إينلاند إمباير" (إمبراطورية الداخل) الذي يحكي عن ممثلة في هوليوود حوصرت في فيلم ملعون. وقد علق أحد المراقبين بشكل سليم واصفاً الفيلم بأنه "التشريح الواسع المختل للكون الخيالي لديفيد لينش وهو ينهار ويلوث نفسه".

يكون لينش بكامل حركته ونشاطه عندما يناقش الأفكار. “إنها كالأسماك، إذا اصطدت فكرة مشوّقة، ركّز اهتمامك عليها وستسبح بقية الأسماك نحوها. تصبح الفكرة كطُعم للسمك، ستتمسك بها بقية الأفكار وهكذا ستَصطادُ المزيد.”

بالإضافة إلى الكتابة والإخراج ، عمل لينش غالبًا كمصمم صوت وكتب موسيقى لأفلامه. بدءًا من عام 2009، أنتج سلسلة وثائقية على الإنترنت ، Interview Project . كما واصل التعبير عن نفسه كرسام ومصور وفنان تركيبي، وعُرضت أعماله في معرض استعادي في باريس عام 2007. نُشر كتاب Room to Dream ، وهو مذكرات/سيرة ذاتية كتبها مع كريستين ماكينا، في عام 2018. 

محمد عبيدو 




الجمعة، 10 يناير 2025

اربعة أفلام مع شعراء من تأليف رودي بوركهارت


ربما يكون رودي بوركهارت معروفًا بصوره الأيقونية لشوارع نيويورك وناطحات السحاب، لكنه كان أيضًا صانع أفلام تحت الأرض يحظى باحترام كبير - "عمليًا نصب تذكاري تحت الأرض"، وفقًا لجون آشبيري. استوحى بوركهارت الإلهام وموهبة التمثيل من العديد من الفنانين والشعراء والراقصين في المدينة، بما في ذلك المتعاونون جوزيف كورنيل وأليكس كاتز ولاري ريفرز وجين فريليشر وإدوين دينبي ورون بادجيت وأليس نوتلي، من بين آخرين. يضم هذا العرض أربعة أفلام قصيرة صنعها بوركهارت مع شعراء من مدرسة نيويورك: جون آشبيري وكينيث كوتش وفرانك أوهارا. يتم تمثيل هؤلاء الشعراء أنفسهم في المعرض الحالي لمؤسسة الشعر، جين فريليشر: رسامة بين الشعراء .


الفيلم المرح "تصاعد التوتر" (1950) بطولة لاري ريفرز في دور فنان مهووس، وجين فريليشر في دور طبيبه النفسي غريب الأطوار، وجون آشبيري في دور لاعب البيسبول الذي تحول إلى رسام تجريدي. فيلم "قصة السيارات" (1954) هو فيلم وثائقي ساخر هادئ ومرح عن السيارات، حيث يروي فريليشر نص كينيث كوتش وفرانك أوهارا في دور عازف البيانو. (تم ذكر كلا الفيلمين في مقال جيني كويلتر عن فريليشر، " صريح كنجم "، من عدد يناير 2014 من مجلة الشعر .) وعلى النقيض من هذه المطبوعات المبكرة بالأبيض والأسود، يوجد فيلمان ملونان صورهما بوركهارت في الثمانينيات. فيلم "في السرير" (1986) يصور قصيدة كوتش التي تحمل نفس الاسم، مع جينا رابس التي تلعب دور شوبان. "ظاهريًا" (1989) هو فيلم مجمع يضم سردًا مزدوجًا لقصيدة تحمل نفس الاسم لأشبيري، مع ظهور كل من أشبيري وبوركهارت أمام الكاميرا. نُشر " ظاهريًا " في الأصل في مجلة Poetry في أكتوبر/نوفمبر 1987.


الشاعر والمترجم يوهانس جورانسون


هاجر الشاعر والمترجم يوهانس جورانسون مع عائلته من السويد إلى الولايات المتحدة في سن الثالثة عشرة. حصل على درجة البكالوريوس من جامعة مينيسوتا، ودرجة الماجستير في الفنون الجميلة من ورشة عمل كتاب أيوا، وحصل على درجة الدكتوراه من جامعة جورجيا. وهو مؤلف العديد من كتب الشعر، بما في ذلك Summer (2022)، ومجموعة المقالات Transgressive Circulation: Essays On Translation (2018)، والمذكرات POETRY AGAINST ALL.  كما ترجم مجموعات شعرية لأسي بيرج  Hackers  (2015)، و  Dark Matter  (2012)، و  Transfer Fat  (2012)،  وWith Deer  (2009)، و  Remainland: Selected Poems of Aase Berg  (2005)، بالإضافة إلى مجموعة المقالات  A Tsunami from Solaris  (2019)، مع  Joyelle McSweeney . وهو أيضًا مترجم شعر يوهان جونسون وكيم ييدوم وهنري بارلاند وآنا جادرلوند.

 

يستكشف عمل جورانسون النقدي والإبداعي النوع والجماليات وحدود النص المستقل. وقد كتب عن مواضيع تتراوح من شعر الغورلسك إلى سيلفيا بلاث إلى نظرية الترجمة. في مقابلة مع  مجلة 3AM ، لاحظ جورانسون أنه عندما يكتب، فإنه يبدأ من "مستوى مجهري"، مضيفًا، "لدي إحساس أو جملة في ذهني ثم أحاول استنفاد كل شيء باستخدام تلك النواة (ومع كل ما أعنيه في المقام الأول بنفسي، ولكن أيضًا ثقافتنا بأكملها، فهي فكرة عقيمة بلا شك) ". وأشار إلى أنه أقل من الشعر "المبتكر"، "أنا مهتم أكثر بالمنحط وغير المتزامن، والرخيص والكئيب. حتى "الشعري".

 

يشارك جورانسون مع زوجته الشاعرة جوييل ماكسويني في تحرير مجلة Action Books، وينشر مع جون وودز المجلة الإلكترونية  Action, Yes . وهو مدير برنامج الكتابة الإبداعية في جامعة نوتردام.


قصائد للشاعر يوهانس جورانسون :

عزيزي را

بقلم يوهانس جورانسون


لم يعد هناك سجائر في هذه الرسالة. كل شيء يدور حول رذاذ الطلاء والاختناقات المرورية من هنا فصاعدًا. أطلق بوق سيارتك إذا كنت مصابًا بالصرع، أطلق بوق سيارتك إذا كانت الساعة 2:40 مساءً، إذا كنت تحب الأصداف. أطلق بوق سيارتك باسم الحرية والخوف من الجسد البشري. عندما أقول "جسد بشري" أعني النوع الذي يتمزق مثل الخس. وعندما أقول "خوف" أعني النوع الذي تشعر به قبل ثوانٍ من الاصطدام بالحائط. هذا هو نوع القصائد التي نراها. النوع الذي نشأ على العنف المفرط في التلفاز.


كل ما تبقى هو إعلانات عن الأخوة والمص. إعلان عن الساعة 2:42 مساءً خصلة من الشعر. هذا ليس ماركس. أنا لا أحاول أن أعض اليد التي تطعمني حلوى حامضة. أركض على الغزلان. المطر. ارتدي سترة حمراء وحذاءً رياضيًا. أمهد الطريق للعودة من سريري. أنا لا أملك سريرًا، لابد أنه كان الفخ الذي تسللت إليه وخرجت منه منذ تعلمت كيف أنام وحدي. جنازة كونت مونت كريستو. شحمة أذن الله. جيش من الحملان يمكنه إيقاف فيلم ولكن ليس عنف الحقائب اليدوية. ليس 2:43 مساءً اثنان وأربعة وأربعون يبولون. تحدث من خلال الثرثرة والمفتاح. تبول في كشك الهاتف. ازرع شجرة. اختطف لص سيارة. تحدث معه كما لو كنت تريد أن تُضرب في صندوق سيارته مثل حقيبة مليئة بالحجارة.


تحدث معي في الغابة. إلى صدري. بأصابعك.


حتى لو ركلت البوابات، فإن نيويورك لا تزال نيويورك . لا يزال ارتجاجي فندقًا. يظل الضيوف فاترين وأنا أدفع الفاتورة. اسألني ما إذا كنت أرغب في تمزيق الكابلات وحرق المهد. أجر مقابلة مع المهندسين المعماريين حول الأيدي. اسأل مهاجرًا غير شرعي كيف يهرب من الكليشيهات السياسية. هل يستخدم المرء المطارق؟ ماذا عن المنطقة الرطبة؟ المداعبة الوحشية؟ المغزل؟ أين يتعلم المرء التحدث بهذه اللغة المكسورة؟ هل تغار من الأفلام التي تتحدث عن فيتنام؟


هذه القصيدة مهداة إلى جان لوك جودار. هذه القصيدة مهداة إلى الرجل الذي وضع مسدسا في حلقي. هذه القصيدة عبارة عن هاتف عمومي.


لقد قطع أحدهم أوتاره ومزق وجهه. هذا المشروب مخلوط بشوكة بلاستيكية. هذه دعوة إلى حفل الهالوين الخاص بي. تعال كمفتاح. تعال كتمزيق ميتاتيكستواي في نسيج ميتاتيكستواي.


استمع إلى حفلتي الموسيقية من خلال الجدران التي بُنيت لإبعاد الحشرات عن إبطي. المجرفة. هذا كل ما أطلبه في مقابل سوناتاتي على الحصى. أعني الحصى بالمعنى الديالكتيكي. كما لو أن التراب سيكون غدا براقًا. سيتم تصنيف الأسفلت كصوت. سيتم تصنيفك كطريقة عفا عليها الزمن للعلاج النفسي. مثل الاعتراف. أو الأريكة. أو الكرسي. سيتم تصنيفي كخاسر مؤلم. لا بد أن الفائز في العام الماضي ألقى شيئًا صلبًا على رأسي. شيء تحطم مثل رقصة الفالس في غارة بالقنابل. لقد اقتربت الساعة من الثالثة. وهذا يعني أنني قد قطعت آلاف الأميال منذ أن غادرت مدينتك. لقد تركت فئرانك. وتركت رسالة مربكة لرجال مكافحة الحشرات.


لقد كنت مرتبكًا عندما كان ينبغي لي أن أكون

وُلدت من جديد كحملة صليبية أو مستشفى للأبرياء.

لقد شعرت بالملل عندما كان ينبغي لي أن أتعرض للخداع.

لقد كنت جائعًا طوال العام.

/////

لقد أصبحت ثريًا في أرض أجنبية

بقلم يوهانس جورانسون


لقد أصبحت ثريًا في أرض أجنبية

الجاذبية تجعلني مريضا في

حلقي الزلق يجعلني الشيطان سيئًا

مع الصيف وكأنني مدفون في الشمس

في أصواتها

مع والدتي

هناك شيء ما حول وجود

نبض القلب مثل حركة المرور

مثل الريح لقد فعلتها بعد كل شيء: كان لدي عرق

الجثة في برلين كانت على ما يرام

سأخذ بعض الوقت

من كوني على قيد الحياة مع بناتي

لا بأس، أنا أقوم بتقليد قبلة

من الليلك قتل الغربان

يستقر الغبار على جثتي

يغطي صوري فقط

هل سبق لك أن كتبت عن الطفولة

لأن ذلك كان قبل أن أموت

والآن أحضرني الشيطان

العودة إلى برلين في الصيف

في ستوكهولم بدأت أفهم

من جسدي الذي أصبح

مدفون في موسيقى البوب ​​والآن أوه أوه

يجب علي إعادة بناء الجدار

الإثارة الجنسية القائمة على المهنة

أكتب لك رسالة قصيرة

عن جسدي كما لو كان

تقسيم بين الكلمات الأجنبية

همس الملائكة الخيطية

والجنود الذين يسيرون في

من خلال عين الإبرة

أكتب جسدي بالعين

من إبرة مع nålen أكتب

عندما اكون مريضا بالجاذبية

في الصيف في الصيف

أنا مريض في ضوء الصيف الخفيف

ضوء موسيقي من الجحيم وأنت


من باريس، مع الحب والرعب


تكشف قصائد أليخاندرا بيزارنيك الفرنسية عن هواجس الفنانة المضطربة.

بقلم ناثان سكوت ماكنمارا



"شعبيتك السرية تسكن شرفات الحي اللاتيني"، هكذا كتب الروائي وكاتب القصة القصيرة الأرجنتيني الشهير خوليو كورتازار إلى الشاعرة أليخاندرا بيزارنيك في عام 1965. كان هو في باريس وكانت هي في بوينس آيرس. كانت بيزارنيك البالغة من العمر 29 عامًا قد نشرت للتو مجموعتها الشعرية الخامسة، Los trabajos y las noches ( أعمال وليالي ). يواصل كورتازار: "هناك رسام هنا يوقع عمله بيزا ؛ وآخر يوقع على عمله أرنيك . لقد خرج شخص ما بكوكتيل اسمه أليخاندرا". ويواصل إخبار بيزارنيك أن كتابها الجديد يؤلمه - وأنه خاص بها تمامًا. تجعله القصائد "يشعر بنفس الشيء الذي أشعر به عندما أقف أمام لوحات أو رسومات معينة (قليلة جدًا) من قبل السرياليين: أنني لثانية واحدة على الجانب الآخر، وأنهم ساعدوني على العبور، وأنني أنت " .

لم يكن إعجاب كورتازار فريدًا من نوعه. فقد أثار شعر بيزارنيك مشاعر معاصريها، ومن بينهم سيلفينا أوكامبو، وسيمون دي بوفوار، وأوكتافيو باز . كتب لها الكاتب السريالي الفرنسي أندريه بيير دي مانديارجيس ذات مرة: "أنا في حب قصائدك: أود منك أن تكتبي الكثير منها وأن تنشر الحب والرعب في كل مكان". إن هواجس بيزارنيك -الموت والظلام والرغبة- تسري في جميع أنحاء عملها، وأحيانًا بشكل صارخ. تكتب في قصيدتها القصيرة "رؤى": "الرغبة في الموت هي الملك".


في عام 1933، فر والدا بيزارنيك من بولندا . وبعد توقف في باريس، عبروا المحيط الأطلسي إلى بوينس آيرس، حيث استقروا وربوا ابنتين. نشأت بيزارنيك وهي تمتص الصدمات. قرأ والداها في الصحف وفي رسائل عائلية عرضية عن المآسي التي حلت بأحبائهم في الوطن أثناء الحرب العالمية الثانية. تقول شقيقة بيزارنيك الكبرى ميريام في الفيلم الوثائقي أليخاندرا (2013): "كانت سنوات صعبة للغاية، صعبة للغاية. لقد أخذوا جدي لبناء الطرق. كانت جدتي وخالاتي في معسكرات الاعتقال". وعلى الرغم من أنهم عاشوا في جيب للمغتربين من أوروبا الوسطى في بوينس آيرس، إلا أن القلق كان مرتفعًا في عائلة بيزارنيك.

في مقدمته لكتاب "ساعة الركض: قصائد فرنسية" الذي نُشر حديثًا (2018)، والذي ترجمه باتريسيو فيراري وفورست غاندر ، يلاحظ فيراري أن الأخوات بيزارنيك التحقن بمدرسة يهودية تقدمية في بوينس آيرس، حيث كان هناك "مفهوم لاتيني أمريكي مقبول للغة الفرنسية - فرنسا - باعتبارها لا تنفصل عن الثقافة الرفيعة، وخاصة بالنسبة لأولئك الذين لديهم تطلعات فنية أو أدبية". لم يُترجم كتاب " ساعة الركض " من قبل إلى الإنجليزية، ولم يُنشر خلال حياة بيزارنيك، ويجمع ما يقرب من عشرين قصيدة أنتجتها بالفرنسية. وعلى الرغم من كونه موجزًا، إلا أن الكتاب يمنح القراء تقديرًا جديدًا لمدى تقديرها العميق للفن والأدب الفرنسي، ومدى تأثير سنوات باريس عليها.

كان هذا التبجيل قد بدأ مبكراً. ففي المدرسة الثانوية، كانت بيزارنيك تقرأ باللغة الفرنسية، وتدرس باللغة الفرنسية، وتستمتع بالشعر الفرنسي. كما قرأت أعمال ألبير كامو ومارسيل بروست بلغتهما الأم. وكانت المدارس الأرجنتينية المرموقة ملتزمة بمناهج دراسية فرنسية، وحتى في المنزل، كان والد بيزارنيك يعزف الموسيقى الفرنسية. وقد ورثت بيزارنيك هذه الميول الثقافية؛ فقد أدت الموجة العظيمة من الهجرة الأوروبية إلى الأرجنتين في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين ــ نفس الموجة التي جلبت والدي بيزارنيك ــ إلى زيادة عدد سكان البلاد بشكل كبير ومنحتها تركيبة أوروبية.

عندما التحقت بيزارنيك بالجامعة، حثها والداها على دراسة الطب أو القانون؛ فدرست الفلسفة والأدب بدلاً من ذلك، وكان من بين معلميها كاتب القصص الخيالية الموقر خورخي لويس بورخيس . ومع ذلك، لم تنجح في أي من فصولها، وفي النهاية تركت الدراسة. كتبت لنفسها في دفتر ملاحظات حلزوني عام 1959، عندما كانت في الثالثة والعشرين من عمرها: "يجب أن أذهب إلى فرنسا. تذكري ذلك. تذكري أن هذا هو الشيء الوحيد المتبقي الذي أريده، في هذا العالم الواسع والعميق". في عام 1960، ذهبت. وبقيت هناك لمدة أربع سنوات.

كانت باريس منذ أمد بعيد وجهة للفنانين. وكما كتب فيراري، "إن نظرة سريعة على سيرة بعض الكتاب الأوروبيين واللاتينيين والأمريكيين الشماليين العظماء في القرن الماضي تكشف في أغلب الأحيان عن منارة واحدة ووجهة مشتركة - مدينة لا مثيل لها مطلوبة لمشهدها الثقافي الفني البوهيمي". في عشرينيات القرن العشرين، كانت باريس هي تلك المدينة، حيث أقام فيها عزرا باوند وجيمس جويس وجيرترود شتاين وإرنست همنغواي وعشرات الفنانين الآخرين. واستمر هذا التقليد بعد الحرب العالمية الثانية، عندما تدفق العديد من كتاب أمريكا اللاتينية في فترة الطفرة وما بعدها - كورتازار، وباز، وماريو فارغاس يوسا، وسيفيرو ساردوي من بينهم - إلى باريس. انجذب العديد من هؤلاء الكتاب إلى الفن الفرنسي بسبب جمالياتهم الأدبية المشتركة. يكتب فيراري: "بحلول هذا الوقت، انتشر تيار شعري سريالي عبر العالم الجديد". "وفي الأرجنتين، انتشر الكتاب بين الجيل الثاني من الفنانين والشعراء الطليعيين من محبي اللغة الفرنسية."

وجدت بيزارنيك أقاربها المبدعين في باريس. التقت بالفنانين السرياليين جورج باتاي، وجان أرب، وماكس إرنست. كما التقت بكورتازار، وبوفوار، وجون بول سارتر. وتواصلت على الفور مع مارغريت دوراس، التي كانت قد كتبت للتو سيناريو فيلم هيروشيما حبي . كانت باريس مفيدة لبيزارنيك من نواحٍ عديدة، حيث ألقت بها المدينة في اتصال وثيق ببعض أعظم الكتاب والفنانين في عصرها. ومن نواحٍ أخرى، من المرجح أن تكون باريس قد أدت إلى تفاقم تدهورها.

بحلول الوقت الذي وصلت فيه بيزارنيك، كانت مدمنة بالفعل على الأمفيتامينات. وقد تم تصنيع هذه المنشطات لأول مرة في ألمانيا عام 1887، وكانت شائعة بشكل خاص خلال الحرب العالمية الثانية، عندما استخدمها الجنود على كلا الجانبين لدرء التعب. وفي الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، قامت شركات الأدوية بتسويق العقاقير للنساء كمكملات لفقدان الوزن. لكن العقاقير كانت أيضًا تبقي المستهلكين مستيقظين طوال الليل - ليس مجرد أثر جانبي لبيزارنيك بل ميزة مرغوبة. تكتب في إحدى قصائدها النثرية الفرنسية التي لا تحمل عنوانًا: "طوال الليل أهرب من شخص ما. أنا أقود المطاردة. أنا أقود الهروب".

إن شعر بيزارنيك لا ينفصل من الناحية الأسلوبية عن تعاطيها للمخدرات. ويتجلى في شعرها حركة شبه هلوسية بين التفاصيل الدقيقة والعظمة المجردة، كما في قصيدتها النثرية الفرنسية "الجنس والليل":


            الرغبة تسكب عليّ بلا داعٍ خمرًا ملعونًا. فماذا يمكن

لوعد العيون أن يفعل لعطشي المتعطش؟ أتحدث عن شيء ليس في هذا العالم. أتحدث عن شخص

غايته في مكان آخر.

             وكنت عاريًا في ذكرى الليلة البيضاء. كنت في حالة سُكر، ومارسنا الحب طوال

الليل، تمامًا مثل كلب مريض.


ويشير عملها أيضًا إلى الرغبة في الجمال، حتى في خضم اليأس:

أتذكر الريح، والليلك، والرمادي، والعطر، والأغنية

والريح، ولكنني لا أتذكر ما قاله الملاك.

وهذا يشير، ربما بشكل أكثر إلحاحًا، إلى التزام قلق بالليل، كما عندما تكتب في قصيدة أخرى بدون عنوان:

طوال الليل أسمع صوت شخص يبحث عني. طوال الليل

تتركني

ببطء... طوال

الليل أكتب رسائل مضيئة، رسائل المطر، طوال الليل يبحث

شخص

ما عني وأبحث عن شخص ما.


ورغم أن قصائد بيزارنيك الفرنسية قد تكون أكثر دائرية وغير مباشرة من تلك التي كتبتها بالإسبانية ـ ومن غير المرجح أنها كتبت القصائد الفرنسية بهدف النشر ـ فإنها تقدم سجلاً لافتتانها بالوسط: الفضاء بين اللغات والأماكن، وبين الجسد والعقل، وبين الرغبة واكتمالها. كما تعرض نصوصها الفرنسية العديد من الزخارف التي تميزها: الجسد، والصمت، والليل، والجنون، والمرايا، والموت. وكانت الفرنسية هي اللغة الثالثة لبيزارنيك (كانت تتحدث اليديشية أيضاً)، وشعرها الفرنسي عموماً ليس دقيقاً أو مكرراً مثل عملها بالإسبانية. وربما يرجع هذا إلى أنها لم تعدل قط قصائدها الفرنسية. فهي موجودة تقريباً كصور من هواجسها النامية وكفاحها لالتقاطها في الشعر. وكما كتبت في قصيدة فرنسية أخرى بلا عنوان:

لغتي

أو مصباحي

لغتي هي الكاهنة.


قبل وقت قصير من مغادرتها إلى باريس، كتبت بيزارنيك في مذكراتها: "أود أن أعيش من أجل الكتابة. لا أن أفكر في أي شيء آخر غير الكتابة. أنا لا أبحث عن الحب ولا عن المال. لا أريد أن أفكر ولا أن أبني حياتي بشكل لائق. أريد السلام: القراءة والدراسة وكسب بعض المال حتى أصبح مستقلة عن عائلتي والكتابة". ورغم أن الأمفيتامينات لم تمنحها السلام، ورغم أنها ألحقت ضرراً مدمراً بصحتها، إلا أن المخدرات ساعدت بيزارنيك على الكتابة على ما يبدو. فقد أبقت يقظة وشحذت تركيزها. ولم يكن عليها قط أن تقلق بشأن إمداداتها؛ كانت الأمفيتامينات متاحة بسهولة في الصيدليات في كل مكان في الستينيات، حتى بدون وصفة طبية. وفي حين كان بقية العالم نائماً، كانت بيزارنيك تكتب.

وعلى غرار فرانز كافكا، كانت بيزارنيك من بين الشخصيات الأدبية التي تحرص على السهر ليلا. وعلى النقيض من كافكا، لم تكن تتبع جدولا منتظما للقيلولة أثناء النهار، وكان الاعتماد على الأمفيتامينات عادة خطيرة. وتقول قصيدتها الإسبانية "عيون مفتوحة على مصراعيها":

أحدهم يبكي ويقيس

المسافة قبل الفجر،

وآخر يضرب وسادته

بحثًا عن

مكان مستحيل للراحة.


وهناك قصيدة نثرية فرنسية بلا عنوان أكثر إثارة للقلق:

نموت من التعب هنا.

نفضل عدم التحرك. نحن منهكون. كل عظمة وكل طرف

يتذكر معاناته القديمة. نعاني ونزحف ونرقص ونجر

أنفسنا.


وعلى الرغم من حالتها الجسدية المتدهورة، كتبت بيزارنيك بغزارة، باللغتين الإسبانية والفرنسية، خلال سنوات إقامتها في باريس. وتزعم فيراري أن تلك الفترة كانت الأكثر إنتاجية في حياتها. ففي عام 1962، نشرت كتابها الرابع من القصائد، Árbol de Diana ( شجرة ديانا )، وهي مجموعة تضمنت مقدمة كتبها صديقتها (الفائزة بجائزة نوبل في المستقبل) باز. وتكتب فيراري: "منحها هذا الكتاب من القصائد والنثر باللغة الإسبانية دخولاً فوريًا إلى عالم الشعر في أمريكا اللاتينية. لقد كانت نقطة تحول.... لقد تم طرح أسطورة بيزارنيك البايثية، الشاعرة الكاهنة، صاحبة الرؤية".


ولكن حياة بيزارنيك في باريس كانت أقرب إلى حياة عابرة منها إلى حياة عراف. فقد غيرت عناوينها خمس مرات على الأقل خلال أول عامين لها في المدينة. وفي رواية أليخاندرا ، يتذكر صديق بيزارنيك أنطونيو ريكويني مساعدتها لها في الانتقال من فندق في شارع سان ميشيل إلى آخر. ويقول: "كانت الأدوية أكثر من الحقائب. كانت تأخذها لتستيقظ، وتنام، وتشعر بالراحة، وتشعر بالسوء، على كل شيء، هكذا كانت". وكما كتب فيراري عن هذه الفترة: "لقد خاطرت بصحتها ورفاهتها ضد شعرها".

كان جزء من هذه المقامرة محاولة إيجاد الراحة من اكتئابها. تقول شقيقة بيزارنيك في رواية أليخاندرا : "لم تكن قادرة على التعامل مع الحياة اليومية، لذا كانت مثل طفلة عاجزة. كان علينا مساعدتها في أشياء كان الجميع يفعلونها لأنفسهم". أثناء إقامة بيزارنيك في باريس، كان كورتازار أحد المتطوعين الذين كانوا يعتنون بها. أثناء استعداده لنشر روايته Hopscotch (1963) ، أعطى بيزارنيك المخطوطة للطباعة حتى تتمكن من كسب أموال إضافية. فقدتها بسرعة وتجاهلت مكالماته. (عثرت لاحقًا على المخطوطة وأعادتها غير مطبوعة). قالت شقيقة بيزارنيك: "ازداد الأمر سوءًا بمرور الوقت لأنه عندما تكون صغيرًا جدًا يمكن أن يكون الأمر ساحرًا نوعًا ما، ولكن عندما تتجاوز الثلاثين ولا تعرف كيف تقلي بيضة، تصبح مثل شظية على جلد العالم".

يشير عنوان مجموعة بيزارنيك لعام 1968، " استخراج حجر الجنون"، إلى لوحة هيرونيموس بوش التي تصور فكرة العصور الوسطى عن المرض العقلي باعتباره ورمًا أو حجرًا عالقًا في جمجمة المريض. وكما كتبت بيزارنيك في ملاحظات الكتاب (ترجمتها إيفيت سيجرت) ، " لذا فإن علاج الجنون يتطلب استئصال هذا الحجر الخيالي، عادةً من خلال ثقب الجمجمة، وهي تقنية يحفر فيها الجراح ثقبًا في الجمجمة حتى يصل إلى الأم الجافية". تشكل لوحة بوش نتيجة كاشفة، وإن كانت كابوسية، للحالة العقلية لبيزارنيك خلال هذه السنوات. كما كتبت في قصيدة النثر التي تحمل نفس الاسم في الكتاب، "تبكي بشكل مأساوي وتستدعي جنونك، وتذهب إلى حد إزالته - هذا الشيء، آخر امتيازاتك المتبقية - كما لو كان حجرًا". من المؤكد أن هذه العملية غير مجدية؛ والعلاج الوحيد للجنون، حسب صياغة بيزارنيك، هو الحالة النباتية.

لعبت علاقات بيزارنيك بكاتبات أخريات، مثل أوكامبو وأولجا أوروزكو، دورًا محوريًا، وإن كان معقدًا، في حياتها العاطفية، وربما كان هذا الدور أكثر أهمية من علاقاتها الحميمة بالرجال. في قصيدة موجهة إلى أوكامبو، كتبت بيزارنيك:


تفتحين بابي مثل زهرة

(زهرة فقيرة بالطبع، لسوء الحظ)

تخلت عن انتظار

الربيع اللذيذ. تفتحين بابي، فأفتحه...


كان من الأسهل استيعاب ميول بيزارنيك الجنسية في القرن الحادي والعشرين، ولكن العلاقات المثلية كانت محظورة في الأرجنتين وفرنسا (وفي معظم الأماكن الأخرى) في ذلك الوقت، وهو ما ربما ساهم في يأس بيزارنيك. من جانبها، تزوجت أوكامبو من الكاتب أدولفو بيوي كاساريس، وليس من الواضح ما إذا كانت تبادل بيزارنيك مشاعرها.

في عام 1964، عادت بيزارنيك إلى بوينس آيرس وهي تشعر بالحنين إلى الوطن. وقد جددت فترة إقامتها في باريس اهتمامها بالكتابة باللغة الإسبانية ــ ففي باريس وجدت أقرانًا لم يميزوا بين اللغتين. فتوقفت عن الكتابة باللغة الفرنسية. ولكن بيزارنيك كانت في حالة نفسية وجسدية سيئة عند عودتها إلى الأرجنتين. وبينما كانت تكتب القصائد التي تتألف منها أعمال وليالي واستخراج حجر الجنون ، كتبت أيضًا أطول أعمالها النثرية، لا كونديسا سانجرينتا ( الكونتيسة الدموية) . وهذا الأخير مقال شعري عن إليزابيث باثوري، الكونتيسة المجرية في القرن السادس عشر التي زُعم أنها عذبت وقتلت 630 امرأة. ورغم أن الافتتان بالغرابة يميز الكثير من أعمال بيزارنيك، فإن الكتاب يصف أساليب التعذيب بالتفصيل ولم يلق استحسانًا. ولم يُترجم إلى الإنجليزية قط. ولقد نبذ العديد من أفراد أسرة بيزارنيك وأقرانها ـ حتى بيزارنيك نفسها ـ هذه الفكرة. فقد اعترفت في رسالة إلى محللها النفسي: "عندما كتبت هذه الأشياء كنت مجنونة". وقد وصف سيزار آيرا، الروائي الأرجنتيني الذي كتب دراسة غير روائية عن أعمال بيزارنيك، رواية " الكونتيسة الدموية" بأنها "أول لقاء ـ وأخير، كما آمل ـ مع السادية، التي لا أفهمها، والتي لن أفهمها أبداً".

في صيف عام 1966، قاد الجنرال خوان كارلوس أونجانيا انقلاباً للإطاحة بالرئيس الأرجنتيني المنتخب أرتورو إيليا، وبدأ الحكومة العسكرية المعروفة باسم الثورة الأرجنتينية. وفي التاسع والعشرين من يوليو/تموز من ذلك العام، وفي حدث أطلق عليه فيما بعد "ليلة الهراوات الطويلة"، دمرت هذه الدكتاتورية العسكرية الجديدة المختبرات والمكتبات، وطردت الطلاب والمعلمين من جامعة بوينس آيرس. وفي الأشهر التي تلت ذلك، استقال مئات الأساتذة من مناصبهم وهجر الكثيرون البلاد.

ورغم أن بيزارنيك تجاهلت السياسة، إلا أنها لم تستطع إلا أن تنجرف في الاضطرابات التي شهدتها بلادها. فقد ذهب العديد من الفنانين والمثقفين الأرجنتينيين إلى المنفى، بما في ذلك بعض أصدقاء وزملائها. واستقال باز من منصبه كسفير للمكسيك في الهند بعد أن قتلت الشرطة العسكرية طلاباً في ساحة بلازا دي لاس تريس كولتوراس في مدينة مكسيكو. وتبرع كورتازار بعائدات كتبه إلى السجناء السياسيين في أميركا اللاتينية. لكن بيزارنيك ظلت غير ملتزمة. ويقول صديقها وزميلها الشاعر فرناندو نوي في قصيدة أليخاندرا : "لم تكن لديها قط مصالح سياسية ما لم تكن الفوضى الصرفة والوحشية هي التي تسمح لنا بالهبوط إلى القاع". وبروح العدمية والفوضوية العظيمة، التي كانت بيزارنيك تدعي أنها تنتمي إليها، كتبت ذات مرة: "يتلخص التمرد في مراقبة وردة حتى تسحق عينيها".

توفي والد بيزارنيك في نفس الوقت تقريبًا. كتبت بيزارنيك البالغة من العمر 31 عامًا في مذكراتها: "الموت الذي لا ينتهي، ونسيان اللغة وفقدان الصور. كم أتمنى أن أكون بعيدًا عن الجنون والموت. لقد جعل موت والدي موتي أكثر واقعية ... أنا أختنق ببطء". في محاولة يائسة لمساعدة ابنتها، اشترت والدة بيزارنيك لها شقة في بوينس آيرس. أصبح عمل بيزارنيك، الذي تحول نحو الشعر النثري، أكثر ألمًا. كما كتبت بيزارنيك في " استخراج حجر الجنون "، "الكتابة هي التنقيب في صخب الأجساد المحترقة، بحثًا عن عظم الذراع الذي يتوافق مع عظم الساق. مزيج بائس. أنا أستعيد وأعيد البناء، فأنا محاط بالموت".

وبعد فترة وجيزة من انتقالها إلى شقتها الجديدة، فازت بيزارنيك بمنحة جوجنهايم وغادرت إلى نيويورك. وكتبت إلى صديقتها إيفون بورديلوا تقول فيها إن المدينة كانت "شرسة وميتة". "كل ليلة أظل مستيقظة بفكرة كابوسية مفادها أنني لن أتمكن من مغادرة الولايات المتحدة. هناك شيء يمنعني من المغادرة وسأبقى هناك إلى الأبد". كانت بورديلوا، التي كانت تدرس في بوسطن لامتحان مهم، قلقة من أن بيزارنيك ستثقل كاهلها بزيارة غير معلنة. وبدلاً من ذلك، عادت بيزارنيك إلى باريس، ربما على أمل استعادة بعض الطاقة التي ألهمت أعمالها السابقة. قالت بورديلوا لاحقًا: "لقد خذلتها باريس. كان هذا بمثابة بداية النهاية".

لم تستمر زيارة بيزارنيك الثانية لباريس سوى بضعة أشهر قبل أن تعود مرة أخرى إلى بوينس آيرس. كانت في حالة يائسة. وفي رسالة إلى أوكامبو كتبت:

في يوم السبت، في بيكار، ركبت دراجة نارية وتعرضت لحادث. كل شيء يؤلمني (لن يؤلمني لو لمستني - وهذه ليست عبارة مجاملة). ولأنني لم أكن أريد إثارة قلق الناس في المنزل، لم أقل شيئًا. استلقيت في الشمس. أغمي علي ولكن لحسن الحظ لم يعلم أحد. أحب أن أخبرك بهذه الأشياء لأنك وحدك من يستمع إلي... أوه سيلفيت... أنت جنتي المفقودة. وجدتها مرة أخرى وفقدت نفسي... أنا أموت من الحمى وأشعر بالبرد. أود أن تكوني عارية، بجانبي، تقرأين قصائدك بصوت حي... والآن أنا أبكي. سيلفيت، اشفيني، ساعديني... لا تجعليني أموت... تحياتي: أليخاندرا.

وبحسب فيراري، "عندما عادت بيزارنيك إلى بوينس آيرس، لم تكتب قصائد باللغة الفرنسية مرة أخرى تقريبًا". (تحتوي حوالي اثنتي عشرة نصًا إسبانيًا مدرجة في كتب لاحقة على مقاطع كتبتها بيزارنيك أولاً باللغة الفرنسية ثم ترجمتها لاحقًا إلى الإسبانية). في عام 1972، بعد فترة من الاكتئاب والدخول في مؤسسة، تناولت بيزارنيك جرعة زائدة من سيكونال في سن 36 عامًا.

في ما يقرب من عقدين من الكتابة، أنتجت سبع مجموعات شعرية وكتاب نثر. تظل شخصية عبادة، على الرغم من أن شهرتها نمت على مدى السنوات الخمس الماضية حيث قدم الناشر الأمريكي New Directions عملها للجمهور الناطق باللغة الإنجليزية. إلى جانب كاتبات أرجنتينيات أخريات مثل Ocampo و Norah Lange، تحظى بيزارنيك الآن بالاهتمام الذي كان محجوزًا تاريخيًا لمواطنيها كورتازار و بورخيس و مانويل بويج. في مقال كتبه في مجلة بوسطن ريفيو، يجادل الشاعر والمترجم يوهانس جورانسون بأن "ربما يكون التفسير الأكثر إقناعًا لاختفائها الطويل في الولايات المتحدة هو أن بيزارنيك هي نوع الشاعر - مثل سيلفيا بلاث ، التي غالبًا ما تُقارن بها - التي تغمرنا، وتضعنا تحت سحرها، وتدفع "الشباب" إلى كتابة أبيات زهرية. إن هذه السمات في عملها هي التي تجعلها مثيرة للقلق في الشعر الأمريكي الذي لا يزال يركز على السيطرة والسيادة والاقتصاد ووكالة الشاعر.

في رسالته التي كتبها عام 1965، وصف كورتازار شعر بيزارنيك بأنه محور عجلة هائلة: "يصنع الآخرون عجلة كاملة، ثم يتعين عليك أن تكتشف كيف علقت في الخندق؛ أما أنت، من ناحية أخرى، فتسمح للعجلة بالتحول إلى شيء آخر". ولكن مثل هذا التعالي يأتي بتكلفة، بطبيعة الحال، وبينما ظلت بيزارنيك مستيقظة طوال الليل لتسليط الضوء على رعبها، فمن الواضح أنها لم تجد سوى القليل من الهدوء، ولا مفر سوى الموت. وفي قصيدة فرنسية بلا عنوان، تفصل إلى أي مدى ذهبت:

           أغني أغنية حزن.

           طيور سوداء فوق أكفان سوداء. عقلي يبكي.

           ريح مجنونة. أترك

           اليد المتوترة والمجهدة، لا أريد أن أعرف شيئًا سوى هذا

النحيب الدائم، هذه الجلبة في الليل، هذا التأخير، هذا العار،

هذا السعي، هذا العدم.


وكما توضح هذه المجموعة الجديدة النحيلة، فإن التزام بيزارنيك بالشعر بدأ مبكراً واستهلك حياتها. وسواء كانت بالإسبانية أو الفرنسية، في بوينس آيرس أو في باريس، فإن صوتها يظل صوت المهاجرة الأبدية التي تبحث عن وطن لكنها تفشل في العثور عليه. لقد كتبت بيزارنيك بالطريقة التي عاشت بها: في حالة من الشوق المضطرب.


إرنستو كاردينال – صلاة من أجل مارلين مونرو

 


إلهي..

تقبّل هذه السيدة المعروفة باسم مارلين مونرو في كل بقاع الأرض

على الرغم من أنّ هذا ليس اسمها

(أنت وحدك من يعرف اسمها الحقيقي، اسم اليتيمة المغتصبة في سن التاسعة، وخادمة المتجر الصّغيرة ذات الستة عشر ربيعاً، حيث أرادت أن تقتل نفسها)

ها هي الآن بين يديك

من دون مكياج

من دون وكيلها الصحفي

أو تواقيع للذكرى

فقط كرائدة فضاء في ليلك الفسيح.

على ذمَة “التايمز”، كانت قد حلمت في طفولتها

أنها تقف عاريةً في كنيسةٍ

أمام حشدٍ من النّاس الساجدين

كان عليها أن تسير على أصابع قدميها كي لا تدوس رؤوسهم.

أنت تعرف أحلامنا أفضل مما يعرفها علماء النفس

كنيسةٌ، بيتٌ، كهف

هم أمان الرحم الأمومي

ويعني أيضاً أكثر من ذلك..

الكنيسة هي المعجبين، هذا واضح

(عجينةُ الرؤوس في العتمة تحت خيطِ الضوء).

لكن المعبد ليس استديوهات

20th Century Fox

المعبد الرخامي الذهبي، هو معبد جسدك

حيث يوجد ابن الإنسان والسوط في يده

يطرد العاملين في المحطَّة

الذين جعلوا من بيت عبادتك قبواً للصوص.

إلهي

في هذا العالم الملوّث بالخطايا والإشعاعات

لن تحاسب عاملة في متجرٍ

حلُمت كغيرها أن تُصبح نجمة سينما.

وصار الحلم حقيقةً (لكنّها شبيهةٌ بالأفلام الملونة)

لم تفعل شيئاً غير أنّها أدَّت الدَّور الذي أعطيناها إياه

– مشهد حياتنا- الذي كان مشهداً صامتاً.

اغفر لها يا إلهي ولنا

لقرننا العشرين

لتكلفة الإنتاج المرتفعة التي عملنا من أجلها جميعاً

كان لديها جوعٌ للحب ولم نمنحها سوى مُهدِّئات

كما أوصى الأطباء النفسيون

طالما أننا لسنا قدّيسين

تذكَّر أيُّها الرَّب خوفها الزّائد أمام الكاميرا

وكُرهها للمكياج- مع الإصرار على تزيينها عند كل مشهد-

وبما أن الرّعب ازداد

ازداد حتماً تأخرها عن الوصول للإستديو.

كأيِّ عاملةٍ في متجرٍ

حلمت أن تُصبح يوماً نجمةً في السينما

كانت حياتها وهماً كحلم فسَّرهُ طبيب نفسي وحفظه في أرشيفه.

حياتها العاطفيّة:

كانت مجرَّدَ قبلةٍ بعيون مغمضةٍ

بمُجرَّد أن تفتحهما

تكتشفُ أنَّها تحت الأضواء الكاشفةِ

ثم تنطفئ هذه الأضواء!

وتنفكُّ عن جدران الغرفة (كانت لقطة سينمائيَّةً وحسب)

بينما يبتعد المخرج مع لوحه

لأن المشهد انتهى تصويره.

أو

كرحلةٍ في قاربٍ،

قُبلةٍ في سنغافورة

رقصةٍ في ريو دي جانيرو

حفل استقبال في قصر دوق أو دوقة وندسور

كلها مشاهد مرئية في صالون شقتها البائسة.

وينتهي الفيلم دون القبلة الأخيرة.

وجدوها ميَّتة في سريرها والهاتف في يدها

لم يعرف المُحقِّقون مع من أرادت أن تتحدث

كأنَّ شخصاً طلب رقم صديقه الوحيد

ولم يُسمع سوى صوت المسجّل يقول:

الرقم المطلوب غير موجود

أو كأن عصابة قطعت يدها لتبعدها عن الهاتف المقطوع

إلهي

أيًّا يكن الشخص الذي كادت أن تحادثه

ولم تفعل (لربما لم يكن له وجودٌ، أو كانَ اسماً غير مُسجلٍ في دليل لوس أنجلس)

أنت يا رب

رُدَّ على الهاتف.



إرنستو كاردينال

1925—2020


وُلِد إرنستو كاردينال في غرناطة، نيكاراجوا، ودرس في جامعة المكسيك وجامعة كولومبيا في مدينة نيويورك. كان كاردينال قسًا كاثوليكيًا سابقًا درس في كنتاكي مع الباحث والشاعر والراهب الترابيستي توماس ميرتون ، وشارك في المشهد السياسي المضطرب في نيكاراجوا وأمريكا الوسطى بشكل عام منذ الستينيات. كان وزيرًا للثقافة في نيكاراجوا من عام 1979 إلى عام 1988 - وهو المنصب الذي هاجمه عليه الفاتيكان علنًا - وشارك في تأسيس Casas de las Tres Mundos، وهي منظمة أدبية وثقافية مقرها نيكاراجوا. أدرك كاردينال أن الشعر والفن مرتبطان ارتباطًا وثيقًا بالسياسة، واستخدم شعره للاحتجاج على تعديات الغرباء في نيكاراجوا، ودعم الثورة التي أطاحت بالرئيس سوموزا في عام 1979. استمر كاردينال في كونه شخصية سياسية في نيكاراجوا وخارجها. انتقد الحكومة الحاكمة في نيكاراجوا، والتجسيد الحالي لحزب الساندينيستا. كان كاردينال قارئًا نشطًا لأعماله، حيث أمضى معظم وقته في السفر لإلقاء القراءات والمحاضرات، ووصفه ريتشارد إلمان في مجلة ذا نيشن بأنه "نوع من السفراء الدوليين".

نشر كاردينال العديد من مجلدات الشعر باللغتين الإسبانية والإنجليزية، بما في ذلك أصل الأنواع وقصائد أخرى (2011)، والكون المتعدد: قصائد جديدة ومختارة (2009)، والنشيد الكوني (2002)، والمضيق المشكوك فيه (1995)، ومع ووكر في نيكاراجوا وقصائد مبكرة أخرى 1949-1954 (1984)، وتكريم الهنود الأمريكيين (1973). حصل على جائزة كريستوفر للكتاب عن مزامير النضال والتحرير (1971)، ومنحة بريميو دي لا باز، وكتاب الجمهورية الفيدرالية الألمانية، وفي عام 2005، تم تكريمه بوسام روبين داريو، لخدمته لنيكاراغوا والإنسانية. تشتهر أعمال كاردينال بطابعها السياسي بالإضافة إلى إحساسها بالتقاليد؛ أشارت المراجعات المبكرة لعمله إلى تشابهه مع جوانب بابلو نيرودا وعزرا باوند . ومثل باوند، استعار كاردينال أحيانًا الشكل القصير والمختصر من أساتذة الشعر اللاتيني كاتولوس ومارتيال، اللذين ترجم أعمالهما. كما استعار كاردينال أيضًا شكل الكانتو الذي اخترعه باوند لإدخال "التاريخ في الشعر" بطريقة تحافظ على نكهة المصادر الأصلية - وهي التقنية التي استخدمها نيرودا بنجاح.

المبادئ التوجيهية لشعر كاردينال هي الاهتمام بأمريكا الوسطى وتاريخها، والضمير الثقافي المتطور للغاية، والقدرة على التحدث بصوت غنائي وسهل الوصول إليه في نفس الوقت. تتناول قصائد كاردينال المبكرة الحب والنقد الاجتماعي والعاطفة السياسية والسعي إلى حياة روحية سامية. على الرغم من أن كاردينال درس ليصبح كاهنًا مع ميرتون في جثسيماني بولاية كنتاكي، إلا أنه أنهى دراسته في كويرنيفاكا بالمكسيك، حيث رُسم كاهنًا في عام 1965. أثناء وجوده هناك، كتب El estrecho dudoso (1966) وقصائد ملحمية أخرى تناقش تاريخ أمريكا الوسطى. طوال السبعينيات والثمانينيات، كان كاردينال يكتب قصائد سياسية، تم جمع العديد منها في With Walker in Nicaragua and Other Early Poems, 1949-1954 (1984)، وهي نظرة على تاريخ نيكاراجوا التي تتطرق إلى أصل الشاعر. كانت القصائد اللاحقة، بما في ذلك " ساعة الصفر "، صريحة فيما يتعلق بتعاطف كاردينال السياسي: موضوع القصيدة هو اغتيال الزعيم الثوري سيزار أوغستو ساندينو، الذي استخدم تكتيكات حرب العصابات ضد مشاة البحرية الأمريكية لإجبارهم على مغادرة نيكاراجوا في عام 1933. لكن عمل كاردينال المبكر يسعى أيضًا إلى استعادة تراث مشترك لمواطنيه، وتحديد نماذج اجتماعية أكثر إيجابية في المجتمعات البدائية السابقة في مجموعات مثل تكريم الهنود الأمريكيين (1973) ؛ تستخدم قصائده أيضًا البلاغة والعروض التوراتية لتنشيط مطالباتهم بالعدالة الاجتماعية. على سبيل المثال، تردد مزامير النضال والتحرير (1971) شكل ومحتوى مزامير العهد القديم.

ومع تصاعد الصراع بين الشعب النيكاراغوي وحكومة سوموزا في سبعينيات القرن العشرين، أصبح كاردينال مقتنعًا بأن الثورة لن تنجح بدون العنف. وفي عام 1970، زار كوبا وشهد ما وصفه بـ "التحول الثاني"، مما دفعه إلى صياغة فلسفته الخاصة للماركسية المسيحية. وفي عام 1977، دمر سوموزا الأصغر مجتمع سولينتينام وأصبح كاردينال قسيسًا ميدانيًا لجبهة التحرير الوطني الساندينية"، حسبما أفاد روبرت هاس في مجلة واشنطن بوست بوك وورلد. وقد جُمعت القصائد التي كتبها كاردينال خلال "تلك الفترة العصيبة للغاية في بلاده" في كتاب " ساعة الصفر وقصائد وثائقية أخرى" (1980). . وقد أدت ماركسية كاردينال المسيحية إلى الكثير من الجدل في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات. ولقد أشار لورنس فيرلينجيتي في كتابه "سبعة أيام في نيكاراجوا الحرة " (1984) إلى أن الرؤية الاجتماعية للشاعر الكاهن تنبع من فهمه لـ"مملكة الله" . "ومع رؤية [كاردينال] للمسيحية البدائية، كان من المنطقي أن يضيف أنه في رأيه لم تكن الثورة لتنجح إلا بعد أن يختفي السادة والعبيد. وقال: "إن الأناجيل تتنبأ بمجتمع بلا طبقات. كما تتنبأ أيضاً بزوال الدولة " [التشديد من فيرلينجيتي]".

وقد ركزت أعمال كاردينال اللاحقة على السياسة والمسيحية والشعوب الأصلية. ويجمع المجلد Golden UFOs: The Indian Poems/Los ovnis de oro: poemas indios (1992) شعر كاردينال عن الهنود في أمريكا الشمالية والجنوبية والوسطى على خلفية وجهة نظره المسيحية الماركسية، بينما يوحد Cosmic Canticle (2002) أناشيد كاردينال المكتوبة على مدى ثلاثة عقود في قصيدة ملحمية حديثة. وقد تناولت كتبه اللاحقة، بما في ذلك Pluriverse: New and Selected Poems (2009) و Origin of the Species and Other Poems (2011)، العلم في سياق الدين. في مقابلة مع صحيفة نيويورك ديلي نيوز ، أوضح كاردينال كيف توصل إلى كتابة كتاب من القصائد حول التطور وتشارلز داروين: "بدأت أفكر في هذا الموضوع الرائع حول التطور"، بعد زيارة لمتحف فيلد في شيكاغو، صرح كاردينال، "أن كل التنوع الهائل للحياة على الكوكب يأتي من خلية واحدة ... لا يوجد تناقض بين التكوين والتطور كما اكتشفه داروين لأننا نستطيع ببساطة أن نصدق أن الله خلق التطور".

على الرغم من أن مواقف كاردينال السياسية أثارت الجدل على مر السنين، إلا أن أعماله تظل مساهمة لا تقدر بثمن في الأدب اللاتيني الأمريكي في القرن العشرين، ليس فقط بسبب فنها، ولكن أيضًا بسبب رؤاها الثاقبة لأمة مضطربة بسبب الثورة. من خلال قراءاته وظهوره في الولايات المتحدة، تمكن كاردينال من نقل حقيقة أكثر إنسانية من التقارير الأخرى من نيكاراجوا. مع تقدم كاردينال في السن، حاول عمله فهم ليس فقط العالم الاجتماعي والسياسي، ولكن أيضًا العالم الطبيعي. في ملف تعريفي على PBS Newshour، لاحظ المراسل راي سواريز عن كاردينال، "إن أعماله الأخيرة تعكس ارتباط البشرية بالطبيعة وعلاقتها بالكون". في المقابلة، تحدث كاردينال نفسه عن مسيرته كشاعر: "في المقام الأول، ينضج المرء، ويمكنه الكتابة عن أشياء لم يكن يستطيع القيام بها من قبل. لا يستطيع المرء الحصول على الشعر من هذا الموضوع أو هذا الموقف. وفي وقت لاحق، يمكنك القيام بذلك لأنك تمتلك قدرة تقنية أكبر للقيام بذلك. الآن يمكنني بسهولة القيام بأشياء كانت مستحيلة بالنسبة لي عندما كنت أصغر سناً. "أعتقد أن هذا يحدث أيضًا للرسامين، ولجميع الفنانين والمبدعين. حتى الساسة ينضجون ويصبحون، ربما، أكثر ذكاءً أو دهاءً."

الأحد، 5 يناير 2025

قصائد آنّا غريكي.. ترجمة: لميس سعيدي

 


آنّا غريكي Anna Gréki - فرنسا - الجزائر - 1931 - 1966


ولدت أنا غريكي يوم 14 مارس 1931 في مدينة منعة بباتنة ، أمضت جزءا كبيرا من طفولتها وشبابها في المنطقة. وقد كان والدها مدرسا. وحسب محمد مزاتي فإن الذين يعرفونها يؤكدون أنها كانت لا تستغني عن المأكولات والعادات والتقاليد الشاوية، وكانت تشارك أهل المنطقة أفراحهم وأحزانهم بفضل تشبعها بالثقافة الشاوية، بعد ذلك انتقلت إلى العاصمة، وأصبحت مناضلة في جبهة التحرير الوطني. اعتقلت عام 1957 من قبل مظليي ماسو، بسبب مساندتها للثورة التحريرية، وقد سجنت لمدة عامين في سجن بربروس وعمرها 26 سنة، حيث تعرضت للتعذيب، قبل أن يتم نفيها إلى فرنسا، لتعود مجددا إلى الجزائر بعد الاستقلال، وأكملت دراستها في العام 1965، حيث عملت مدرسة للغة الفرنسية في المدرسة الثانوية عبد القادر في الجزائر العاصمة. وفارقت الحياة سنة 1966


قصائد آنّا غريكي.. ترجمة: لميس سعيدي


الجزائر عاصمتها الجزائر


أسكن مدينة نقيّة جدًّا

حتّى أنّها سُمّيتْ الجزائر البيضاء

بيوتها المكسوّة بالكلس معلّقة

كشلاّل من قوالب سكّر

كقشور بيض مكسور

كحليب من نور الشّمس

كغسيل لامع استحال لونه أزرق

كقطعة دانتيل تربط بين طرفين

تمامًا في منتصف

الأزرق الكامل

لتفّاحة زرقاء

أدور حول نفسي

وأخفق هذا السكّر السماويّ الأزرق

وأخفق هذا الثلج البحري الأزرق

مشيّدة فوق ألف جزيرة مهزومة

مدينة جريئة، مدينة منطلقة

مدينة بحرية زرقاء، بحرية مالحة

مدينة في عرْض البحر، سريعة ومغامرة

تُدعى الجزاير

تماما كسفينة

من شركة «شارل لوبورن»

عمّي

من أصل فرنسي

ومنحدِرا من البرجوازيين الكبار

عمّي المصاب بالميثومانيا مات بطعنة

في شنغهاي وفي عِزّ شبابه

داخل باره الأمريكي

حيث كان يعيش مع يابانية حكيمة

ومجنونة بحبِّه

منتحلا شخصية رجل برازيلي



تَحكي هذه القصّة العائلية


في السّاحة المهترئة

لسجن «سركاجي»

في أحد أيام أغسطس المعطَّرة

التي نلج فيها البحر عراة

كأنّنا نلج المربّى

البحر الذي نشتمّه

على بعد خمسمائة متر

ونحن ننصت إلى قصصك العائلية

فتنفجر الأرض

ويُلغى الزمن

بطعنة



رسوخ

إلى أحمد إينال


كلّ شيء في مكانه

ها هم عشّاقي مطويّين داخل قلبي

وقلبي واثق كالأفق

صافحت يد الأصدقاء بحرارة مساكن الرّحّل. هذه طريقتي الخاصة لأحترق من الكبرياء



كلّ شيء في مكانه


ذهبُ عروقك الأزرق في نظراتي

في قمّة الجِبال الحاضنة

في الهواء الصّلب والصّبور كسِحلية

أنا الدّرب المستقيم للسّديم

في الغابات التي تفترس نفسها


تمشي في عينيّ لأرتاح

والتعب العاري يجرحه صمتُك

تجعل الأرض المدفونة في ذاكرتي تغنّي

حين أقتطع من صدري فضاء ألف عام.

وأنا أرحل، أزرع حضورك

مرساة طيبتك في أعماق الأحقاد

إنّه حقّ اللجوء في قلبك

وأمتلكك كما يفتح أحدُهم شرايينه


كلّ شيء في مكانه


لم أعد ذلك الشّخص الذي تُسكِره الشّمس

بثلوج من ضفّة أخرى

ألبس أمتعتي

تماما كجِلدي

وبينما أسهر

في ليل مفتوح على الجهة الصّافية لرمضان

في المدينة المثقلة بالفولاذ

ترتِّب أمي كتبي التي لا تستطيع قراءتها وتشيخ.

كلّ شيء في مكانه



بسبب لون السّماء


إلى أحمد إينال


متعجرفة كمراهقة

تشبه الحرّيّة

تشبه الحرّيّة كثيرًا

هذه السّماء الأكثر نعومة من عصفور

هذه السّماء النّاضجة التي تشعرني بغُصّة في الحلق – سماء سِنّ العشرين

التي ترغب في الذهاب عارية ومنتصرة كشتيمة –

غُصّة في الحلق حتّى أنّني لا أستطيع الكلام

– جسد محرَّم، جسد معطَّر، سماء لا ترحم –

غُصّة في الحلق ولا أستطيع حتّى أن أقول إلى أيّ حدّ

أنا حزينة بسبب لون السّماء



باسطة عضلاتها الحريريّة


تشبه السّلام

تشبه السّلام كثيرًا

هذه السّماء التي تحمل مائة رغبة

هذه السّماء المُسالمة

التي أرى فيها رجالا أحرارًا يتجوّلون

تحت ظلّ أشجار الكاليتوس

ونافورات تأتي إليها الخنازير البرّية لتشرب وهي مطمئنة

وإذا كانت عيناي في مواجهة الشمس

لأحدّق إلى هذه السّماء التي فقدت إيقاعها

فلأنّني حزينة بسب لون السّماء


قريبة حتّى أنّها تمدّ يدها


تشبه حبّي

تشبه حبّي كثيرا

هذه السّماء سهلة المنال

هذه السّماء البعيدة

التي تجعل قلبي يخفق – السّماء التي لم يصل إليها أحد

أعضّ شفتيّ وحدقتاي في عُرض البحر، في العينين –

قلبي يخفق كسمكة سلمون مرقَّط على الشّاطئ

مُكتنِزة بسماء قُطِّعت كالعشب

هذا القمح الطّازج

يجعل قلبي يخفق، حتّى أنني لم أعد أعرف

أنّني حزينة بسبب لون السّماء

مطَارَدة، مطعونة، حاضرة

تشبه بلدي

تشبه بلدي كثيرا

هذه السّماء المُضطهَدة

هذه السماء الزرقاء كالغضب، كظلِّ البحر

الأزرق المثابر يرفع رأسي – سماء مغذِّية

سماء مؤَكسَدة، سماء مديرة، سماء عنيدة

كعطر السّلام، الحرّيّة، الحبّ


رأسي مرفوع رغم ثِقل السُحُب


رأسي مرفوع ولم أقل أبدًا

أنّني حزينة بسبب لون السماء

الحياة

سيكون يوما شبيها بسائر الأيّام

صباحا مألوفا بأفراح معروفة

ومجرَّبة لأنّها يومية


واحدة من تلك الاستفاقات التي تتسكّع حتّى الحمّام


حتّى السيجارة الأولى بعد القهوة

والجريدة التي نعلِّق على أخبارها وتلطِّخ أيدينا بالحبر


كلّ الطقوس ستستعيد عافيتها

حركات رائقة تُحِلّ السّلام الذي استعدناه

وتبعث من جديد السّلام الذي فزنا به


حركات مليئة بالثّقة وبأسباب الوجود

تبدأ اليوم بشكل صحيح وبلا أخطاء جسيمة

حركات كائنات حرّة لا تفقد ذاكرتها


سنحرص على ترك المفتاح في الباب

وعلى أن يدخل الشّارعُ من النّافذة المفتوحة

الشّارع بأكمله، بشمسه وأطفاله


الشّارع الغنيّ بأصدقاء غرباء

وبمارّة أَخويين

سيكون بيتنا مفتوحا لمن يرغب فيه

لمن يحتاج إلى الدّفء ويشعر بالجوع

لكن علينا أن نشعر بالجوع وأن تكون عيوننا إلى الأبد نَهِمة

سيكون الفرح متوفِّرا لكننا لن ننسى ما حدث


لن نحتاج كثيرا إلى الكلام

سنكتفي بالحياة وسنكون قد تعلّمنا كيف نحياها.