الجزائر- كشفت مصادر موثوقة أن وزارة المجاهدين أعطت موافقتها لعرض فيلم محمد بلوزداد، بعدما شاهدت النسخة المعدلة عن هذا العمل الذي تم انتاجه من طرف التلفزيون العمومي الجزائري وإخراج رشيد بلحاج، الذي ترعرع بدوره في حي بلكور (بلوزداد حاليا) ودرس الإخراج في باريس ليعود إلى أرض الوطن ويشتغل كمخرج تلفزيوني.
كان وزير الاتصال محمد لعقاب قد برر إلغاء عرض الفيلم خلال رمضان الماضي في جلسة علنية لطرح أسئلة شفوية بالمجلس الشعبي الوطني، بسبب أن وزارتي المجاهدين والثقافة لم تتمكنا من مشاهدة الفيلم.
ويعتبر هذا الفيلم الأول من نوعه في تاريخ السينما الجزائرية، حيث يتناول حقبة هامة في نضال الشعب الجزائري، والحركة الوطنية الاستقلالية، وشخصية فارقة في هذا النضال، كما يتطرق الفيلم إلى جوانب خفية في مسيرة المناضل الوطني الكبير “محمد بلوزداد” الذي يعد بحق الأب المؤسس للتيار الثوري الاستقلالي في الحركة الوطنية.
كما يوثق سيناريو الفيلم اعتناق محمد بلوزداد منذ أربعينيات القرن الماضي وتحت نير الاستعمار الفرنسي الحاقد أفكارا وطنية راديكالية لا تؤمن بأنصاف الحلول، بمعية امحمد يوسفي، أحمد محساس، محمد باشا تازير، محمد لعراب وغيرهم.
ويسرد الفيلم وقائع نضال هذا القائد الفذ، ضمن السياق الطبيعي لتزاحم الأحداث الوطنية والدولية، وانعكاساتها على مجمل مسائل التعاطي مع مختلف مشارب أجيال النضال السياسي، أي ابتداء من تاريخ نزول قوات الحلفاء في الجزائر، ثم الديناميكية الجديدة التي شهدها العمل الوطني في تلك الفترة، وانتهاء بوفاة بلوزداد في مصحة فرنسية في 14 جانفي 1952، إذ لم يكتف محمد بلوزداد بالقول وإنما انتقل إلى الفعل، حيث خصّص فريق كومندوس يتولى مهمة جمع السلاح من قوات الحلفاء، (الأمريكية والبريطانية)، التي تم إنزالها في سواحل العاصمة سنة 1942، وتشتد وقائع الأحداث فيما بعد، إلى حالة الاصطدام مع قوات الاحتلال الفرنسي إثر مظاهرات أول ماي 1945 في لحظة دراماتيكية يعيشها محمد بلوزداد وأفراد أسرته، بعد ذلك تأتي مجازر 8 ماي 1945 التي يعيشها بكل حواسه وجوارحه، فتقرّر قيادة الحزب نقله إلى عمالة قسنطينة، ومن عاصمة الشرق يدشّن مرحلة السرية ويباشر فترة جديدة من نضاله في مقارعة الاستعمار قبل أن يتنقل بلوزداد إلى عمق الريف الجزائري، ليجعل منه حاضنة ثورية وقاعدة انطلاق للثورة المسلحة.
ويتناول الفيلم أيضا محطة مؤتمر حركة انتصار الحريات الديمقراطية في فيفري 1947، حيث تسند قيادة الحزب إليه مسؤولية المنظمة الخاصة، وعمره لم يتجاوز 23 سنة، فيضع لبناتها الأولى وقوانين وآليات الالتحاق بها، ويرافق رجالا تحمّلوا المسؤولية من بعده كحسين آيت أحمد، ثم أحمد بن بلة، فيبرز رجال رعاهم بلوزداد تحت عينيه، ويكفي الرجل شرفا أنه كان خلف التخطيط لعمليات الحصول على الأسلحة وتدريب المقاومين على استخدامها استعدادا لليوم الموعود، بالإضافة إلى بروز إطارات وقيادات ثورية بحجم بن بولعيد ومحمد بوضياف، والعربي بن مهيدي، وديدوش مراد وغيرهم من المناضلين، الذين كان لهم شأن كبير في اندلاع ثورة الفاتح نوفمبر 1954، التي ورغم نيل المرض من جسم بلوزداد وقلة حضور، إلا أن ظله بقي في كل صغيرة وكبيرة، وأفكاره عبّدت الطريق لجيل نحو الثورة والاستقلال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق