لوس أنجلوس ـ «وكالات»
يرسخ الجزء الرابع من فيلم «جون ويك» بقوة إلى شخصيته على أنها ند حقيقي لشخصية نيو في فيلم «ماتريكس»، وكجزء من تشكيلة أبطال الآكشن لكيانو ريفز التي لا مثيل لها.
لقد تطور الغضب الشديد الذي نشأ لدى جون ويك في الجزء الأول بعد وفاة زوجته إلى شيء أكثر فتكاً، يتلخص في العزم والتركيز، ويجسد ريفز هذه الصفات مع ضبط قوي للنفس، ويقوم بذلك بشكل مثالي لدرجة أن الكلمات القليلة التي يقولها أو الأفعال التي قد تثير الاستغراب، تبدو بأنها تخرج بشكل طبيعي من الشخصية ولم يتم وضعها بشكل مقصود من أجل تمثيل أية أفكار أو صيغ لهذا النوع من الأفلام.
لا يمكن التقليل من أهمية مساهمات ريفز (ناهيك عن ستاهلسكي) في نجاح ماتريكس، لكن لطالما كانت تبدو أفلام «جون ويك» بأنها احتفال ذو طابع شخصي لتفاني الممثل في الانخراط في عالم الآكشن الشديد.
إن الإثارة الخالصة لمشاهدة معركة جون ويك المستمرة لاستعادة روحه رائعة للغاية وتصبح أكثر إرضاءاً عندما نفكر بأن الفيلم نابع من حب ريفز للسلسلة.
قد يكون (جون ويك) هو اسم السلسلة، لكن رحلته أكدت بشكل متزايد أهمية العقود الاجتماعية والتاريخ المشترك، ويزدهر هذا الأمر مع الشخصيات الشهيرة في الجزء الرابع، حيث يعمل وينستون وشارون (لانس ريديك) وباوري كينغ (لورينس فيشبورن) بمثابة مستشاري جون، وبالرغم من أن حضور ريديك وفيشبورن محدود بعدد قليل من المشاهد، إلا أن تأثيرهما يتضاعف بفضل جاذبية الممثلين وأدائهما الرائع لشخصيتيهما، وعلى الرغم من أن وينستون قام بإطلاق النار على جون من على سطح فندق الكونتينينتال في نهاية الجزء الثالث، وهو أمر لم يحمل له أحد أي ضغينة، فهذا يعتبر شبيهاً بالتسبب بتعثر أحدهم عن طريق الخطأ في هذا العالم، إلا أنه يواصل دوره بمثابة أب بديل لجون، والثقة التي يتمتع بها ماكشاين تعزز من أسطورة جون ويك وتحافظ في نفس الوقت على شهرة مدير الكونتينينتال بأنه العميل الأكثر سلاسة في هذه اللعبة.
من بين كل الإضافات الجديدة الممتازة إلى طاقم الممثلين، يبرز (دوني ين) بدور (كاين)، والذي يشكل خصماً مهيباً تم تقديمه باعتباره معاصر لويك منذ زمن طويل، ويعكس تردده في تنفيذ أوامر الماركيز من دون سؤال رفض جون بدوره للخدمة العمياء. يضفي هذا التشابه قدراً غير متوقعاً من التعاطف إلى مواجهاتهما، لكنه لا يمنع كاين من السعي وراء جون بكل ما لديه من قوة.
إن سلوك ين الودود وكفاءته الوحشية تمنحانه أسلوباً وخفة خاصان به، وتؤدي براعة كاين الجامحة في المعركة إلى ضربات قاضية مبهجة ومضحكة.
في عصر يتزايد فيه التذمر من الأفلام التي تزيد مدتها عن ساعتين، فإن الوتيرة السريعة للجزء الرابع، ترد على كل الاحتجاجات لتقول إن الأفلام يجب أن تكون بالطول الذي تحتاجه، فعلى مدار الفصول الثلاثة الماضية لسلسلة جون ويك، طور المخرج تشاد ستاهيلسكي موهبة حادة في معرفة متى يجب أن ينطلق جون بسرعة عبر غرفة مليئة بالشخصيات الضخمة بدقة عالية، ومتى يسمح له وللمشاهدين الاستمتاع بالدموية التي يستطيع إطلاق العنان لها في المواجهات الأكثر حميمية.
وعلى سبيل المثال، يتم الكشف في وقت مبكر من الفيلم من خلال الحوار أن قوات High Table التي تسعى الآن وراء جون ويك ترتدي دروعاً لا يمكن اختراقها من الرأس إلى أخمص القدمين، وهو أمر يشبه شيئاً خرج من لعبة فيديو، لكن المخرج ستاهيلسكي يستجيب إلى هذا من خلال الآكشن وليس الحوار، حيث يُرغم الأعداء المدرعين ويك على تعديل استراتيجيته التقليدية بإطلاق النار على الناس في أي جزء من أجسادهم يتطلبه الأمر أكثر، ليركز أكثر في إطلاق النار على الرقبة، ليزيد من إثارة المعارك في الفيلم، خصوصاً عندما رصاصات حارقة مصنوعة باليد، يكون تأثيرها مذهلاً مع مجرم سيء الحظ يتعرض للإصابة بها.
ومع أن أفلام جون ويك تشتهر بروعتها البصرية، فإن الجزء الرابع منها يضع معياراً جديداً لتصميم الإنتاج والتصوير السينمائي،. حيث تتمتع المواقع عبر أوساكا وباريس وبرلين ونيويورك بصفات معمارية مميزة تتيح لمدير التصوير دان لاوستسن فرصاً متنوعة لغمر الشخصيات بألوان النيون التي تتميز بها السلسلة. نرى تركيبات الإضاءة فائقة الحداثة في كونتينينتال أوساكا، ومصابيح الشوارع الدافئة في باريس، وغروب الشمس في مانهاتن الذي يمر عبر الضفة الطويلة من الظلال في مكتب الماركيز، كل هذا يعطي كل حركة في القصة لوحة ألوان واضحة تمنح كل مدينة هوية بصرية فريدة وتجعلنا نعرف مكان وجود جون بالضبط. ويعزز من كل ذلك الموسيقى التصويرية الحماسية من تايلر بيتس وجول جيه ريتشارد، والتي تتبع انتقال الجزء الرابع من ثقافة إلى أخرى، وتمتزج مع الآكشن بطرق تقوم بتشديد اللحظات الكبيرة أو تقويضها لتحقيق تأثير أكبر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق