"سودان ياغالي" من العروض الجميلة والمهمة ضمن ايام بجاية السينمائية أخرجته التونسية هند المدب عام (2024)
خلال الفترة المضطربة التي سبقت الانقلاب العسكري في السودان سنة 2019، اندلع صراع على السلطة بين الجيش والمجموعة شبه العسكرية “قوات الدعم السريع”، التي أحكمت قبضتها على ثروات البلاد، وقتلت اكثر من ٢٠ الف شخص، وأجبرت الملايين على مغادرتها بسلوك طريق المنفى. في هذا السياق، خاض مجموعة من الشباب الذين يحلمون بسودان ديمقراطي جديد المخاطر لبدء بانتفاضة حماسية ضد السلطة والمليشيات.. انتفاضة تعيد الروح للشعب الذي سرقت ثورته واغتيل شبابه المناضل . شجن سليمان، مها الفقي، أحمد مزمل، خطاب أحمد، مثل عدد آخر من الناشطين الشباب، يناضلون متمردين على الواقع المفروض باسم السلطة والدين مقاربين الواقع الحقيقي للأحداث التي مر بها السودان بكلماتهم وأشعارهم وأغانيهم ولوحاتهم من أجل الحرية عاكسين عبرها حقيقة ما يعيشه الناس في السوداني في سياقات اجتماعية وسياسية معقدة. بمتابعتها ورصدها خمس سنوات تلت الثورة التي اطاحت بالديكتاتورية ، قدمت المخرجة مع شخصيات العمل لحظات نابضة بالحياة والامل والشجن والروح المتمردة الشجاعة التي يتمتعون بها رغم التحديات الكبيرة التي يواجهها، وجمال وطيبة الشعب السوداني الذي اخفته وموهته تقارير الاخبار التلفزية واختصرت حياتهم برصاص السلطة والجنجويد.
المخرجة التونسية هند المدب استطاعت بفضل تنقلها بين الثقافات واللغات أن تطور نظرة خاصة عن العالم. أخرجت بين سنتي 2013 و2015، خلال فترة الربيع العربي،"إلكترو – شعبي" و" كلاش تونسي" ، وهما فيلمان وثائقيان تلفزيونيان عن الإبداع الموسيقي كعمل ثوري، ثم أخرجت بعد ذلك فيلم "باريس ستالينجراد" عن رحلة اللاجئين في باريس، الذين تعرضوا لمضايقات من طرف الشرطة وأجبروا على العيش في مخيمات مؤقتة بالقرب من محطة مترو ستالينجراد.. "سودان يا غالي" هو فيلمها الوثائقي السينمائي الطويل الثاني.
فيلم "العواصف" الروائي الطويل الأول لدانيا ريموند الذي عرض ضمن ايام بجاية السينمائية . يُجسّد، على مدار 84 دقيقة، صراعًا بين طموح خارق للطبيعة وواقع العشرية المظلمة في الجزائر. عواصف غبارية صفراء غريبة تجتاح المدينة.. أشباح بشر وغبار ولأعاصير تُخفي دراما الحياة اليومية .
ناصر، الصحفي، يغطي الظاهرة لصالح جريدة وطنية. ومع تزايد الأحداث الغامضة غير المبررة، تظهر زوجته فجر من جديد. أما ياسين، ابن أخيه الطبيب، فيبدأ في مقابلة الموتى. في مواجهة رياح متزايدة التهديد وبينما تبدو المدينة وكأنها تغرق في الجنون، تنتقل الأحداث الزمنية للفيلم بين الماضي والحاضر في فلاش باك متناوب ، وبينما تبدو المدينة وكأنها تغرق في الجنون، يجب على ناصر كشف ماضٍ مُؤرق يطارده من سنوات مظلمة أراد الجميع نسيانها .
رغم انه لم يُذكر اسم "الجزائر" قط، ولا حتى اسم مدينة يمكن ربطها بها، ورغم التمثيل الجيد للمشاركين بالعمل الا ان المخرجة كانت مرتبكة و اضاعت تعبيرها من الرمزية التي يمكن ان يحملها العنوان حول بقايا تفاصيل العشرية السوداء المؤلمة في النفوس والارواح الى المباشرة العادية مع تعبيرات الذاكرة و اطالة غير مبررة لزمن العواصف الرملية
شارك بتمثيل الفيلم خالد بن عيسى، كاميليا جوردانا، شيرين بوتلة، مهدي رمضاني.
يذكر أن المخرجة الجزائرية الفرنسية دانيا ريموند ولدت عام ١٩٨٢ في الجزائر العاصمة، حيث نشأت، وهي خريجة معهد الفنون الجميلة في مرسيليا وليون، ومعهد فريسنوي الوطني للفنون المعاصرة. تتراوح أفلامها بين المقالات والروايات.
في عام ٢٠١٢، أخرجت فيلم "جان"، وهو فيلم تخرجها في مدرسة لو فريسنوا، وحصلت على جائزة "ستوديو كوليكتور" . وفي عام ٢٠١٤، حاز عملها على جائزة "جامع الأعمال الفنية" في معرض "جون كرياشن". وفي عام ٢٠١٦، أخرجت فيلم "حديقة التجارب" الذي فاز بجائزة لجنة تحكيم الشباب في مهرجان بريف للأفلام متوسطة الطول. وقد اختيرت أفلامها في مهرجانات مثل مهرجان الأفلام الوثائقية في مرسيليا، ومهرجان كوتيه كورت في بانتان، ومهرجان "نيوز ديكتورز نيوز فيلمز"، بالإضافة إلى عروض في أماكن مخصصة للفن المعاصر. وفي عام ٢٠١٥، أُدرجت أعمالها ضمن مجموعة CNAP.في عام ٢٠١٩، أخرجت فيلم "كوكبة الروغيير"، الذي اختير في مهرجان كليرمون فيران، ودخل قائمة الترشيحات الرسمية لجائزة سيزار لأفضل فيلم وثائقي قصير. في عام ٢٠٢٤، أنجزت فيلم "العواصف"، وهو أول فيلم روائي طويل لها.
قسنطينة – تم الشروع اليوم الاثنين بمحمية جبل الوحش بمدينة قسنطينة في تصوير الفيلم الثوري الطويل "نضالهن" الذي يتناول مسيرة مجموعة من الممرضات المجاهدات إبان الثورة التحريرية المجيدة.
وصرح بالمناسبة مخرج الفيلم أحمد رياض أن هذا الإنتاج السينمائي يرمي إلى إبراز التضحيات التي قدمتها المرأة الجزائرية لاسيما الممرضات اللواتي ساهمن في علاج الجرحى من المجاهدين في أحلك الظروف, مبرزا أن هذا العمل السينمائي يندرج ضمن الأعمال المخلدة للذاكرة الوطنية.
وأضاف أن فترة تصوير مشاهد هذا الفيلم المنتج بدعم من وزارة الثقافة والفنون بمشاركة ثلة من الوجوه الفنية الوطنية على غرار ليديا لعريني وحمودي حمزة ستدوم ستة أسابيع و تدور أحداثه في ساعة ونصف. كما أشار مخرج هذا العمل السينمائي أنه سيتم تصوير 90 بالمائة من مشاهده داخل كوخ بمحمية جبل الوحش بقسنطينة فضلا عن مشاهد أخرى سيتم تصويها بمدينة القل بولاية سكيكدة.
وأضاف كذلك أن أحداث الفيلم تتمحور حول شخصية "حدة" الممرضة التي تكفلت بتكوين زميلاتها وإرسالهن إلى الجبال لمساندة المجاهدين قبل أن تواجه إحدى الفرق الاستعمارية الفرنسية وهي بصدد علاج الجرحى ما اضطرها إلى إخفائهم وحمايتهم.
من جهتها صرحت الممثلة الجزائرية ليديا لعريني التي تتقمص شخصية "حدة" الممرضة في فيلم "نضالهن" أن هذا الدور يعبر عن كل امرأة جزائرية مناضلة ومسبلة وأم وأخت وزوجة مشيرة إلى أن الشخصية التي تؤدي دورها "معقدة ومركبة وتعتمد بشكل كبير على البعد النفسي والإنساني".
ينطلق "مهرجان تورونتو السينمائي الدولي" (Toronto International Film Festival) يوم الخميس، حيث يجلب نجوم هوليوود راسل كرو وسيدني سويني ودانيال كريغ عروضاً أولى مرتقبة بشغف إلى الدورة الخمسين من أضخم حدث سينمائي في أميركا الشمالية.
ورغم افتقاده لبريق التاريخ الذي تتمتع به مهرجانات كان (Cannes) أو فينيسيا (Venice)، فإن مهرجان تورونتو يتفوّق على منافسيه من حيث الحجم، ويُعد منصة أساسية لإطلاق حملات الأوسكار، جامعاً نخبة النجوم والنقاد والجمهور العريض في حفلات السجادة الحمراء طوال 11 يوماً.
وفي هذه السنة الاحتفالية، يحضر كل من ماثيو ماكونهي وبول ميسكال وأنجلينا جولي وأنيا تايلور-جوي إلى العروض والسهرات في كندا، بينما يضفي المخرجون الفرنسيون رومان غافراس وكلير ديني وأرنو ديبليشين لمسة أوروبية خاصة.
من بين العروض العالمية الأولى، يقدم راسل كرو أداءً وصفه المنظمون بأنه "دقيق وذو كاريزما غامضة" في دور النازي هيرمان غورينغ خلال محاكمته، وذلك في الدراما التاريخية "نورمبرغ" (Nuremberg)، إلى جانب الحائز على الأوسكار رامي مالك.
وقالت روبن سيتيزن، مديرة البرمجة في المهرجان: "المفاجئ في هذا الأداء أنك لا تتوقع أن تشعر بالارتباك أمام شخصية تعرف تماماً ما اقترفته من فظائع. لكن، مع تقدم الفيلم، تجد نفسك كذلك".
وتسعى سيدني سويني إلى تجاوز الجدل الأخير الذي أثارته حملة إعلانية للجينز، لتدخل سباق الأوسكار بفيلم "كريستي" (Christy)، وهو سيرة ذاتية جريئة عن رائدة الملاكمة النسائية الأميركية كريستي مارتن.
وأضافت سيتيزن: "أعتقد أن هذا هو الدور الذي سيجعل الجمهور يعيد الالتفات مجدداً إلى موهبتها التمثيلية". أما ماثيو ماكونهي، فيطل في فيلم مشحون بالعاطفة بعنوان "ذا لوست باص" (The Lost Bus)، حيث يؤدي دور رجل ينقذ مجموعة من الأطفال من حرائق الغابات في كاليفورنيا.
ويستقطب مهرجان تورونتو، الذي يُعرف بتوجهه "المُفضِّل للجمهور"، نحو 400 ألف زائر سنوياً، جامعاً بين الأفلام الجماهيرية الصاخبة وتلك التي تستهدف الجوائز. وتشهد نسخة هذا العام عودة سلسلة "نايفز آوت" (Knives Out) الشهيرة من إنتاج "نتفليكس" للمرة الثالثة، مع عودة دانيال كريغ، العميل السابق 007، للتحقيق في جريمة جديدة بعنوان "ويك آب ديد مان" (Wake Up Dead Man).
أما جوش برولين فيجسد زعيماً ديماغوجياً مخيفاً يتبعه جمهور طائفي في فيلم "يعالج قضايا راهنة بطريقة ممتعة وبحبكة كلاسيكية داخل مكان مغلق"، بحسب سيتيزن.
السينما الفرنسية تغزو مهرجان تورونتو
يحضر عدد من المخرجين الفرنسيين إلى المهرجان هذا العام. فالممثل مات ديلون يشارك في دراما كلير ديني "ذا فينس" (The Fence)، التي تتناول وفاة غامضة في ورشة بناء أفريقية. بينما يقدّم أرنو ديبليشين فيلم "تو بيانوز" (Two Pianos)، وهو قصة حب من بطولة شارلوت رامبلينغ.
وتتعاون أليس وينوكور مع أنجلينا جولي في فيلم درامي عن عالم الموضة الباريسي بعنوان "كوتور" (Couture). أما فيلم رومان غافراس "ساكريفايس" (Sacrifice)، وهو هجاء عن الشهرة والتغير المناخي، فيجمع أنيا تايلور-جوي بدور ناشطة بيئية متطرفة، وكريس إيفانز بدور نجم سينما
ويتضمن برنامج الكوميديا في المهرجان بعضاً من أبرز الأسماء. كيانو ريفز يؤدي دور ملاك غير كفء في الكوميديا الفانتازية "غود فورتشن" (Good Fortune) للمخرج عزيز أنصاري. تشانيغ تاتوم يجسد فاراً من العدالة يعيش متخفياً داخل متجر "تويز آر أس" (Toys R Us) في روفمان. وبرندان فريزر يلعب دور ممثل وحيد يؤجّر خدماته لحفلات الزفاف والجنازات في طوكيو بفيلم "رينتال فاميلي" (Rental Family).
من تيلورايد إلى تورونتو
يأتي مهرجان تورونتو مباشرة بعد مهرجان تيلورايد (Telluride) الأميركي الصغير والمؤثر، وكالعادة يستضيف مجموعة من أفلامه لتنال عرضاً أوسع في كندا.
من بينها، يؤدي بول ميسكال دور ويليام شكسبير الشاب في فيلم "هامنت" (Hamnet) للمخرجة الحائزة على الأوسكار كلوي تشاو، لكن التركيز ينصب أساساً على زوجته الصبورة أغنيس، التي تلعب دورها الممثلة جيسي باكلي في أداء وصفته سيتيزن بأنه "متسامٍ".
كما يعرض المخرج إدوارد بيرغر، بعد نجاحه في "أول كوايت أون ذا ويسترن فرونت" (All Quiet on the Western Front) و"كونكلاف" (Conclave)، فيلمه الجديد "بالاد أوف إيه سمول بلاير" (Ballad of a Small Player)"، حيث يؤدي كولين فاريل دور مقامر خاسر تطارده المحققة تيلدا سوينتن في كازينوهات ماكاو. ومن البندقية، يصل غييرمو ديل تورو بفيلمه الجديد "فرانكشتاين" (Frankenstein) بنسخة معاد تصورها.
أما نجم الريغيتون اللاتيني جي بالفين، فيخوض تجربته السينمائية الأولى بدور شرطي في الثمانينيات يطارد مهربي الكوكايين في أقاصي نوفا سكوشا الكندية، بفيلم "ليتل لورين" (Little Lorraine). كما تطل المغنية وكاتبة الأغاني تشارلي إكس سي إكس في فيلمين جديدين: "ساكريفايس" (Sacrifice) لغافراس، والدراما البولندية "إيروبتسيا" (Erupcja).
ويختتم باز لورمان المهرجان بفيلمه "إيبيك: إلفيس بريسلي إن كونسيرت" (EPiC: Elvis Presley in Concert)، الذي يتضمن لقطات نادرة للملك اكتشفها المخرج أثناء إعداد فيلمه "إلفيس" (Elvis) عام 2022. ويستمر مهرجان تورونتو السينمائي الدولي من يوم الخميس حتى 14 سبتمبر/أيلول.
يعرض المخرج المكسيكي غييرمو ديل تورو في مهرجان فينيسيا السينمائي نسخة جديدة من رواية فرانكشتاين للكاتبة البريطانية ماري شيلي، إذ يقدّم فيها وحشاً مختلفاً عن الصورة الكلاسيكية في الأفلام السابقة. ويجسّد الفيلم مخلوقاً حزيناً ومرهفاً يتوق إلى المودة والمعرفة لكنّه يُواجَه بالرفض والكراهية، في تحوّل كبير عن النسخ السابقة التي كان يظهر فيها البطل في صورة وحش برأس مسطح وحذاء ثقيل.
يروي الفيلم قصة فيكتور فرانكشتاين، العالِم المغرور الذي يجمع مخلوقاً من أجزاء بشرية ويعيده للحياة ليصبح عملاقاً لا يُقهر يتمتع باللطف. ويؤدي أوسكار إيزاك دور فرانكشتاين بينما يجسّد جاكوب إلوردي دور المخلوق. وقال ديل تورو للصحافيين، السبت قبل العرض الأول للفيلم في مهرجان فينيسيا السينمائي، إنّ "الكثير من التصورات البصرية للمخلوق تبدو وكأنها لضحايا حوادث. لقد أردتُ أن أُضفي عليه مسحة من الجمال".
ويُبرِز الفيلم مخاطر إساءة استخدام التقنيات الحديثة لكن ديل تورو قال إنّه لم يكن يفكر في الذكاء الاصطناعي عند كتابة النص، وأضاف "لست خائفاً من الذكاء الاصطناعي بل من الغباء الطبيعي لأنه أكثر انتشاراً بكثير... نعيش في زمن يسوده الخوف والترهيب بلا شك. والحل، الذي يمثل الفن جزءاً منه، هو الحب".
ويتنافس "فرانكشتاين" حالياً على جائزة الأسد الذهبي في مهرجان فينيسيا السينمائي أمام أعمال مثل لا خيار آخر" للمخرج بارك تشان ووك، بالإضافة إلى "صوت هند رجب" للمخرجة كوثر بن هنية، الذي يدور حول اللحظات الأخيرة من حياة الطفلة الفلسطينية هند رجب التي قتلها الاحتلال وعائلتها بقصف سيارة لجأوا إليها جنوب غرب مدينة غزة في 29 يناير/ كانون الثاني 2024.
وقعت اليوم في مدينة البندقية بايطاليا كل من كاميلا توسكي، مديرة مهرجان فلورنسا الدولي لسينما المرأة، وغراتسيلا بيلدسهايم، رئيسة الشبكة الأوروبية للمرأة في الإعلام المرئي والمسموع، ممثلة عن مؤسس ورئيس مهرجان غزة الدولي لسينما المرأة الدكتور عزالدين شلح مذكرة تفاهم تاريخية بين المهرجانين، وذلك خلال فعاليات مهرجان البندقية السينمائي.
تأتي هذه الاتفاقية الرائدة لتؤسس شراكة استراتيجية بين مهرجان غزة الدولي لسينما المرأة ومهرجان فلورنسا الدولي لسينما المرأة، وتهدف إلى تعزيز التبادل المهني والثقافي، والتعاون في تنظيم العروض والأنشطة المشتركة، فضلاً عن إنشاء شبكة دولية من صانعات الأفلام المهتمات بقضايا المرأة والمقاومة الثقافية.
ويُعتبر هذا التوقيع خطوة جوهرية في دعم مهرجان غزة الدولي لسينما المرأة، المقرر انعقاده في الفترة من 26 إلى 31 أكتوبر 2025 المقبل تحت شعار " نساء ماجدات في زمن الإبادة"، والذي وُلد في فلسطين تحت ظروف استثنائية ليشكل رمزاً للمقاومة الثقافية وفضاءً لفتح حوار دولي من خلال سينما المرأة.
وأعربت مديرة مهرجان فلورنسا كاميلا توسكي عن فخرها بهذه الشراكة، مؤكدة أن "هذه الاتفاقية تجسد التزامنا بدعم الأصوات النسائية الفلسطينية وتمكينها من الوصول إلى المنصات الدولية".
من جانبها، أكدت غراتسيلا بيلدسهايم أن "هذا التعاون يمثل نموذجاً للتضامن الثقافي الحقيقي، ويفتح آفاقاً جديدة أمام المبدعات الفلسطينيات للتعبير عن تجاربهن وقصصهن".
وفي رسالة مؤثرة أرسلها مؤسس ورئيس مهرجان غزة الدولي لسينما المرأة الدكتور عزالدين شلح، والذي لم يتمكن من الحضور بسبب الأوضاع المأساوية في غزة، أشار إلى أن المهرجان يمثل "منارة قادرة على إضاءة نضالات وقصص النساء الفلسطينيات وسط معاناة لا توصف".
وأكد شلح على أننا في فترة التحضير للإنطلاق قريباً كما كشف عن بعض اعضاء لجنة التحكيم الدولية للمهرجان، والتي تضم أسماء بارزة في عالم السينما، منها المنتجة غراتسيلا بيلدسهايم، والممثلة ياسمين ترينكا، والمخرجة سيلين شياما، والمونتيرة ماريسيت سانكريستوبال، مع صانعة الأفلام مونيكا ماورر كرئيسة شرفية.
وأفاد شلح بأن مهرجان غزة الدولي لسينما المرأة استطاع من خلال اللجنة التأسيسية تشكيل شبكة للمهرجان انضمت اليه مؤسسات وجهات مرموقة.
وقد قدمت ميلينا فيوري المؤسسات التي انضمت بالفعل إلى شبكة مهرجان غزة، والتي تشمل: وزارة الثقافة الفلسطينية (رعاية)، مهرجان القدس السينمائي الدولي بغزة، الشبكة الأوروبية للمرأة في الإعلام المرئي والمسموع، مهرجان ليدز للأفلام الفلسطينية، أرشيف الحركة العمالية والديمقراطية المرئي والمسموع، مؤسسة الكرمل للانتاج الفني السويدية، مهرجان نظرة للأفلام القصيرة الفلسطينية، البيت الدولي للمرأة، مهرجان فلورنسا الدولي السادس والأربعين لسينما المرأة، جمعية "الثقافة حرية"، الجمعية الخيرية للتضامن مع الشعب الفلسطيني، الاتحاد الديمقراطي الدولي للمرأة، مسرح أستراغالي، معهد فلسطين للأفلام، وسينما بلا حقوق، متحف فلسطين، مؤسسة ثقافة المقاومة، الاتحاد الدولي لمهرجانات الأفلام العربية، منصة فلسطين الثقافية، وشركات إنتاجية أخرى..
وأشارت الممثلة ياسمين ترينكا إلى ارتباطها الطويل بفلسطين، مؤكدة على أهمية "نقل التجربة وتمرير الشعلة للشابات الفلسطينيات صانعات الأفلام"، واصفة رحلة مهرجان غزة بأنها "تجربة إنسانية استثنائية".
ومع دورته السادسة والأربعين، يعيد مهرجان فلورنسا الدولي لسينما المرأة تأكيد مكانته كمنصة فريدة للمخرجات، ومكان للتبادل الدولي وبناء التحالفات بين النساء اللواتي يؤمنّ بالسينما كأداة للحرية والمقاومة.
تستعد ولاية بجاية لاحتضان الدورة الـ20 للقاءات السينمائية، في الفترة الممتدة من 6 إلى 11 سبتمبر 2025، بمشاركة 19 دولة وبرمجة أزيد من 30 عملاً فنياً بين أفلام روائية طويلة وقصيرة وأخرى وثائقية، لتتحول عاصمة الحماديين إلى قبلة لعشاق الفن السابع.
اللقاءات، التي تحتفي بمرور عشرين عاماً على انطلاقتها، رسخت مكانتها كجسر ثقافي يجمع تجارب سينمائية متنوعة من مختلف أنحاء العالم، ويمنح الجمهور فرصة الاطلاع على قضايا إنسانية واجتماعية تعكس تنوع الرؤى الفنية. وستحتضن فعالياتها متحف السينما ببجاية، في اختيار رمزي يربط بين تاريخ المدينة العريق وحاضرها الفني.
وإلى جانب العروض السينمائية، يتضمن البرنامج ورشات عمل متخصصة وندوات فكرية ينشطها أسماء بارزة في عالم السينما، بما يفتح المجال لنقاشات ثرية حول سبل تطوير الصناعة السينمائية.
وتتميز هذه الدورة بتقديم منحة زرماني للعام الثاني على التوالي، وهي مبادرة أطلقها الممثل ومغني الراب الفرانكو-جزائري سفيان زرماني، المعروف فنياً باسم "فيانسو". وتهدف المنحة إلى دعم مشروع "بجاية لاب" (مختبر بجاية لكتابة السيناريو) عبر تمكين الشباب من تطوير نصوصهم وتحويلها إلى أول أفلامهم الطويلة.
ويؤكد المنظمون أن هذه المبادرة تمثل استثماراً حقيقياً في مستقبل السينما الجزائرية، عبر تشجيع المواهب الشابة على خوض غمار الكتابة السينمائية بوصفها الأساس لأي عمل فني ناجح.
الجدير بالذكر أن لقاءات بجاية السينمائية نجحت منذ انطلاقتها قبل عقدين في ترسيخ سمعة عالمية، بفضل الرؤية الواضحة والجهود المتواصلة للمنظمين، لتصبح اليوم من أبرز المواعيد السينمائية في الجزائر وخارجها.
أطلق المخرج المكسيكي غييرمو ديل تورو أمس السبت فيلم "فرانكشتاين" (Frankenstein) ذا الموازنة الضخمة من مهرجان البندقية السينمائي، مشيرا قبيل عرضه العالمي الأول إلى أنه كان يحلم بإخراجه منذ الصغر.
وسبق لديل تورو أن فاز بالجائزة الكبرى للمهرجان عام 2017 عن مخلوق آخر وُلِد على شاشات البندقية هو الكائن المائي في فيلم "ذي شايب أوف ووتر" (The Shape of Water) الذي نال عنه أيضا جائزة الأوسكار
end of lisويسعى فيلم ديل تورو المقتبس من تحفة الكاتبة ماري شيلي إلى الفوز بجائزة الأسد الذهبي في مهرجان البندقية السينمائي، وهو من بين الأعمال الـ21 المتنافسة عليها.
وقال ديل تورو في مؤتمر صحافي قبل ساعات من عرض الفيلم أمس السبت: "كنت أتابع هذا المخلوق منذ صغري. انتظرتُ دائما أن تتوفر الظروف المناسبة لإنتاج الفيلم، سواء من الناحية الإبداعية أو من حيث تحقيق النطاق الذي أحتاج إليه لأجعله مختلفا، وأن يُنجز على نطاق يتيح إعادة بناء العالم بأسره".
وأشار إلى أنه يعاني في الوقت الراهن "اكتئاب ما بعد الولادة". ولم يكن من قبيل المصادفة أن يُقام العرض العالمي الأول للفيلم في ما يُعرف بـ"يوم فرانكشتاين"، وهو ذكرى ميلاد مؤلفة الرواية ماري شيلي في 30 أغسطس/آب.
سبق للمخرج المكسيكي غييرمو ديل تورو الفوز بجائز الأوسكار عن فيلم "ذي شايب أوف ووتر" (رويترز)
ويُقدّم الفيلم الذي يتولى بطولته أوسكار آيزك في دور فيكتور فرانكشتاين وجايكوب إلوردي في دور الكائن الذي ابتكره، مشهدا قوطيا جريئا.
ومن خلال تَتبُع الفيلم العالِم المهووس بكائنه، يستكشف مواضيع الإنسانية والانتقام والإرادة الجامحة وعواقب الغطرسة.
ومنذ فيلم "فرانكشتاين" للمخرج جيمس ويل عام 1931 من بطولة بوريس كارلوف، تعددت الاقتباسات من الرواية.
وتراوحت هذه الاقتباسات بين تلك الجادة مثل "ماري شيليز فرانكشتاين" (Mary Shelley’s Frankenstein) عام 1994 للمخرج كينيث براناه، وفيلم ميل بروكس الساخر "يونغ فرانكشتاين" (Young Frankenstein) عام 1974.ورأى ديل تورو أن رواية ماري شيلي تحاول الإجابة عن سؤال "ما معنى أن تكون إنسانا؟".
وقال في المؤتمر الصحافي "أعتقد أن الفيلم يحاول إظهار شخصيات غير مثالية وحقنا في أن نبقى غير مثاليين، وحقنا في فهم بعضنا بعض في ظل أقسى الظروف".
وأضاف "ما مِن مهمة أكثر إلحاحا من الحفاظ على إنسانيتنا في زمن يتجه فيه كل شيء نحو فهم ثنائي القطب لإنسانيتنا".
ويُعرض الفيلم الذي أنتجته "نتفليكس" لوقت محدود في دور السينما في أكتوبر/تشرين الأول، قبل أن يُتاح عبر الإنترنت في نوفمبر/تشرين الثاني.
تكرّم إدارة مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط اسم النجمة الكبيرة الراحلة فيروز في الدورة الحادية والأربعين للمهرجان، والمقررة إقامتها من 2 إلى 6 أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
وقال الناقد السينمائي الأمير أباظة، إن التكريم يأتي في إطار حرص المهرجان على الاحتفاء برواد وصناع السينما، الذين تركوا بصمة خالدة في تاريخها.
وتعد بيروز آرتين كالفيان الشهيرة بـ«فيروز الصغيرة»، واحدة من أبرز أيقونات الطفولة في تاريخ السينما المصرية والعربية، إذ اكتشفها الموسيقار إلياس مؤدب في نهاية الأربعينات خلال حفل حضره الملك فاروق، قبل أن يقدمها إلى النجم أنور وجدي، الذي أطلق عليها اسم «فيروز»، لتبدأ معه رحلة فنية مميزة، وهي في السابعة من عمرها، بفيلم «ياسمين» عام 1950.
قدمت فيروز سلسلة من الأعمال التي لا تزال حاضرة في ذاكرة السينما المصرية، من بينها «فيروز هانم» في 1951 و«دهب» عام 1953، وشاركت لاحقاً في عدد من الأفلام أمام إسماعيل ياسين مثل «إسماعيل ياسين طرزان»، قبل أن تعتزل الفن في سن مبكرة وتختفي عن الأضواء.
ورغم الاعتزال، ظلت أعمال فيروز الصغيرة محفورة في وجدان الجمهور المصري والعربي، حتى لقبها النقاد بـ«شيرلي تمبل المصرية» تيمناً بالفنانة الأمريكية التي بدأت مسيرتها الفنية في عمر الثالثة وحققت نجاحات راسخة في ذاكرة السينما بالولايات المتحدة.
بعد غياب دام 20 عاماً، عاد المخرج الكوري الجنوبي بارك تشان ووك إلى مهرجان البندقية السينمائي، لمواكبة عرض فيلمه «نو أذر تشويس».
وشهد المهرجان، الجمعة، عرض أوّل لفيلم بارك تشان ووك، مخرج «أولد بوي» الذي حقق له شهرة عالمية في 2004 بعد فوزه بالجائزة الكبرى في مهرجان كان السينمائي.
ويتناول فيلم «نو أذر تشويس» الذي يتنافس لنيل جائزة الأسد الذهبي، قصة موظف في محل لبيع الأدوات المكتبية والقرطاسية يُقرّر التخلص من منافسيه المحتملين للحصول على وظيفة جديدة.
تشكل الحبكة المستوحاة من رواية «الفأس» للكاتب الأمريكي دونالد ويستلايك والتي سبق أن قدّمها المخرج كوستا غافراس في نسخة سينمائية في عام 2005، هاجساً فنياً قديماً لبارك تشان-ووك.
وقال المخرج في مؤتمر صحفي: «في أي مكان كنت أذهب إليه، كنت أتحدث عن هذه القصة. بغضّ النظر عن البلد أو الثقافة، كان الجميع يجد فيها ما يلامس تجربته. المثير للاهتمام هو أن الناس كانوا يقولون لي دائماً: يا لها من قصة تعكس الواقع الحالي بشكل كبير».
وأضاف: «كل من يحاول كسب لقمة عيشه في المجتمع الرأسمالي الحديث ينتابه هذا الخوف العميق من خسارة عمله».
ويعود آخر ظهور لبارك تشان ووك في مهرجان البندقية السينمائي إلى عام 2005، حين واكب عرض فيلمه «ليدي فانجنس»، وهو الجزء الأخير من سلسلة مؤلفة من ثلاثة أفلام تتناول الجانب المظلم من البشرية. وفاز آنذاك بجائزتين.
وكان المخرج المعروف بأفلام التشويق ذات الطابع العنيف والتي أسهمت في إبراز السينما الكورية على الساحة الدولية، فاز أيضاً بجائزة أفضل مخرج في مهرجان كان السينمائي عن فيلم «ديسيجن تو ليف».
بعد أن تضررت السينما الأرجنتينية بشدة من تخفيضات الميزانية وعدم تمثيلها بشكل وافٍ في المهرجانات الدولية الأخيرة، تعود إلى مهرجان البندقية السينمائي مع 5 أفلام، بينها وثائقي لإحدى أهم مخرجاتها لوكريسيا مارتيل.
وكان لتولي خافيير ميلي رئاسة الأرجنتين في ديسمبر 2023 تداعيات كبيرة على القطاع السينمائي، وخصوصاً على الهيئة العامة المسؤولة عن تعزيز إنتاج الأفلام ودعمه «INCAA».
وبعدما كان الإنتاج السينمائي يحظى بدعم من خلال سلسلة من المنح، بات «يتعيّن على المنتجين إيجاد تمويلهم من القطاع الخاص، وعندما تُستوفَى كل الشروط، يصبح من حقهم الحصول على الدعم»، على ما توضح رئيسة جمعية منتجي الوسائط السمعية والبصرية المستقلة (APIMA) فانيسا باغاني. وتضيف «منذ تعيين إدارة جديدة للهيئة العامة، لم يحصل أي فيلم على تمويل».
ويقول الباحث المتخصص في السينما الوثائقية خافيير كامبو: «لا أحد يعرف أين تصرف أموال الهيئة» التي تحصل على نسبة من عائدات دور السينما، لكن الأكيد أن «هذه الأموال لا يتم استثمارها في الإنتاج الوطني».
وفي مهرجان كان السينمائي الذي لطالما كان للأرجنتين حضور قوي فيه، اقتصرت المشاركة هذا العام على فيلم قصير وفيلم «نودلز درانكن» للمخرج لوسيو كاسترو.
أما في البندقية، فتشارك الأرجنتين بأفلام «أون كابو سويلتو» للمخرج دانيال هندلر ومن إنتاج مشترك بين أوروغواي وإسبانيا، و«بين دو فارتي» لأليخو موغيلانسكي، و«ذي سوفلور» للمخرج غاستون سولينيكي من إنتاج مشترك مع النمسا، وفيلم قصير.
ويشهد المهرجان عرضاً من خارج المسابقة لفيلم «نوسترا تييرا» للمخرجة لوكريسيا مارتيل، يتناول اغتيال الناشط خافيير تشوكوبار وتهجير جماعته من السكان الأصليين في توكومان في الأرجنتين.
يرى رئيس الأكاديمية الأرجنتينية للفنون والعلوم السينمائية هيرنان فيندلينغ، أنّ «التصوير مكلف في ظل حكومة لا تدافع عن الثقافة» وصعوبات اقتصادية.
ويتوقّع أن «ينخفض إنتاج الأفلام بشكل كبير على المديين القصير والمتوسط». وحتى لو استمر الإنتاج بفضل منصات البث التدفقي وشركات الإنتاج الكبرى، فإن ذلك ينطوي على مخاطر، وفق الخبراء، لاسيما في ما يتعلق بتراجع التنوع.
تقول فانيسا باغاني: «نشهد فقدان جزء من السينما، ذلك الجزء الذي يحقق نجاحاً في المهرجانات، ويحظى بشهرة تتجاوز عدد التذاكر المبيعة».
ويؤكد هيرنان فيندلينغ، أن «ما تقدمه المنصات قيّم جداً»؛ لأنه «يتيح الحفاظ على جزء من الإنتاج وتوفير فرص عمل. لكن لا يمكن أن يكون هذا الإنتاج الوحيد في الأرجنتين». وبحسب المنتج، إذا تركز الإنتاج على المنصات الكبيرة، «فلن يكون هناك تجديد»؛ لأن هذه الشركات تستهدف عادة منتجات معروفة ومخرجين وممثلين وكتّاب سيناريو سبق أن أثبتوا حضورهم.
د. محمد كامل القليوبي، القادم من خلفية طويلة بالبحث والنقد السينمائي، مخرج سينمائي عمل على خلق رؤية سينمائية خاصة منذ فيلمه التسجيلي الطويل عن رائد السينما المصرية »محمد بيومي« مرورا بفيلميه الروائيين »ثلاثة على الطريق« و»البحر بيضحك ليه«. فلن تخطئ عينك أمام اللقطة الاولى من فيلم »ثلاثة على الطريق« وحتى قبل نزول العناوين، انك أمام فيلم »مثقف« يحمل من صانعه محمد القليوبي مؤلفا ومخرجا الكثير من ثقافته وخبرته، التي تمتد الى ربع قرن او يزيد من التعامل مع السينما كتابة وعملا.. لكن الاهم ان الفيلم مثله في ذلك مثل أغلب أفلام السينما المصرية الجديدة يحمل ايضا الكثير من هموم صانعه واهتمامه بقضايا الوطن الذي يعني امتزاجا حميما بين الجغرافيا والتاريخ. وكأنما اراد محمد القليوبي منذ اللحظة التي التحقت في ذهنه فكرة الفيلم الروائي الأول له، ان يضع يده على خريطة »مصر«، محاولا ان يمسك بجوهر حقيقتها على أرض الواقع الحي، عبر المكان والزمان، وان يسجل على شريط السليولويد بعضا من أزمتها الراهنة، لعله بذلك يمهد خطوة على طريق الحلم الذي راودنا بسينما جادة تسعى الى المساهمة في صنع وطن اكثر جمالا وعدلا. بين الجغرافيا والتاريخ، او بين المكان والزمان، بحث القليوبي عن شكل ملائم لهذا المضمون، فوجد ضالته في قالب »الرحلة« التي يخوض فيها مع شخصيات الفيلم وسط عالم لا بد انهم قد اجتازوه من قبل مرارا، لكن تجربة عنيفة تجعلهم يرونه وكأنهم يرونه لأول مرة. لم يكن غائبا عن وعي محمد القليوبي وهو يصنع فيلمه ذلك السحر الذي يحققه قالب الرحلة، ففيلمه يجوب في أنحاء الوطن ويغوص في أعماقه، يرى الوحدة في التنوع، والتناغم في الصراع.. فالفيلم يطرح أسئلة عميقة تتعلق بمعنى بناء الوطن وهي فكرة تنويرية قالها رفاعة الطهطاوي منذ زمن، ومن خلال شخصيات هامشية أوصلها الى المتن والأساس، عبر ملامسة شفافة دون ان يقدم حلولا جاهزة.. هذه المعالجة الجريئة بغوصه الى أعماق أبطاله الهامشيين يتابعها محمد القليوبي في فيلمه الثاني »البحر بيضحك ليه« والذي يغلفه بسخرية مريرة من الواقع الأليم من خلال الشخصية الرئيسية الذي يعمل محاسبا في احدى الشركات.. ويعيش مستسلما لحصار الضغوط العنيفة على مستوى الاسرة والعمل والشارع.. ان فيلم »البحر بيضحك ليه« يدافع عن حرية الانسان.. ويجسد القيود التي تحاصره في كل مكان.. وتصور تمرده على تلك القيود موضحا التباين بين عالمين عالم مزيف منافق.. والعالم السفلي الذي يبرز فيه النقاء النفسي. عالم القيود وعالم التحرر. وقد اتخذ من البحر خلفية لكل تلك الاحداث. وقد نجح القليوبي في استغلال الاحلام لتجسيد أفكاره عن الحرية المفقودة والتي استطاعت الكاميرا التعبير عنها.. في فيلميه الاثنين جمع القليوبي بين الشرط الجماهيري والمتعة الفنية العالية.. التقيناه في حوار حول رؤاه الفنية والسينمائية.
{ في فيلميك »ثلاثة على الطريق« و»البحر بيضحك ليه« انحياز فني وإنساني للبسطاء والفقراء. ماذا عن هذا العالم وقربه من تعبيرك الغني؟
انحيازي للبؤساء ابداعيا وإنسانيا هو حالة من الاحتفاء بالحياة وقيمها النبيلة. فالابداع بطبيعته يعبر عن القيم النبيلة، ولذلك من الطبيعي ان يهتم بالفقراء والمهمشين، ولذلك لا يوجد فن ينتصر للاغنياء، لأن الثروة لا تعني مالا كثيرا، ولكنها سلوك وقيم تعمل لمصلحة الثورة ولذلك تفسد الى حد كبير العلاقات الانسانية والقيم النبيلة التي يهدف الفن الى ترسيخها. وإصرار الكثير من السينمائيين على الاحتفاء بالفقراء ومناصرتهم مثل داوود عبد السيد ورضوان الكاشف وغيرهم، اعتبره نوعا من الرهان على تقدم البشرية الى الأمام. فالسينمائيون يؤكدون للفقراء انهم أحرار وقادرون على تغيير حياتهم. ولذلك فبطل فيلم »البحر بيضحك ليه« يبحث عن حريته الداخلية والتي يهدرها المجتمع الذي يسعى لتعليب افراده وكأنهم كائنات سابقة التجهيز، وذلك بوسائل كثيرة ابتداء من المدرسة والتربية الطبقية وغيرها. فالبطل يعذبه السؤال المأساوي: لماذا يحتمل كل هذا القمع والقهر؟! ولذلك لا يهمه ان يعيش في أسوأ الظروف الاقتصادية ويعمل حاويا طالما انه يمتلك حريته بيده ويستطيع ان يرى جوهر الاشياء ويعامل الانسان كإنسان.
{ ما الذي يدعوك لإنجاز فيلم سينمائي؟
عوامل عديدة.. أولها ان مهنتي أساسا هي صناعة الافلام وكل انسان يعبر عن نفسه بالأداة التي يملكها، فهذا هو حقي بالتعبير بالسينما، وهو حق طبيعي مكتسب أنا أقوم به من خلال صنع الأفلام. لو كان عندي مهنة ثانية لعبّرت من خلالها. أنا أصنع الافلام لأعبر عن نفسي.. وعندما تجذبني شخصية أصنع أفلاما تسجيلية، مثل فيلمي الاخير الذي صنعته عن الموسيقي »جمال عبد الرحيم«.. الشخصية هي التي تجذبني لنوع الفيلم الذي أنجزه.
{ في أفلامك اعتماد على نجم بارز هو محمود عبد العزيز.. كيف تتعامل مع تركيبة النجم والممثلين في عملك؟
كلامي هذا في إطار وجود صناعة سينما.. أنا أفلامي كلها مكلفة جدا. فلا يمكن اذاً انجاز هذه الأفلام الكثيرة التكاليف بدون وجود نجم سينمائي. فوجود النجم هنا ضروري لعوائد الفيلم او تدبير النقود اللازمة لإنتاجه. وهنا النجم لي هو ممثل. من ناحية ثانية انا عندما أتعامل مع ممثل مثل محمود عبد العزيز أرى انه ممثل جيد، أحتاجه لتجسيد الشخصيات التي لدي. وان لم يكن محمود عبد العزيز نجما لكان ايضا سيمثل فلميّ الاثنين. هناك جزء من نجوميته يساعدني كثيرا لكن حتى لو لم يكن نجما فهذه أدواره. كيف أتعامل معه؟ أنا أتعامل كصانع أفلام مع ممثل ويحدث التلاقي الطبيعي بيننا الذي يؤدي لتفاهم متزايد، وهذا ما أعمله مع كل الممثلين الذين يعملون معي.. نتفاهم بشكل جيد على الأدوار ونحضّر بشكل جيد، ونتحاور حول الشخصيات وملامحها وحركتها وبالتالي نستطيع اخراج أقصى امكانيات الممثلين الذين يجب ان يكونوا موهوبين. تخلف النقد العربي
{ بعض القراءات النقدية لأفلامك رأت تناقضا بين الحلم بسينما جادة والوقوع في فخ التوابل التجارية التي تقود الى شباك التذاكر. الى أي درجة ترى مثل هذه الملاحظات دقيقة؟
هذا نتيجة للجهل السائد.. لأن هذه الافلام أدعو لرؤيتها في تقييمها الدولي.. أفلامي كلها نالت جوائز دولية هامة وعرضت في أماكن كثيرة في العالم. وهي مدرجة في »الانترناشيونال فيلم رايت«، وكتب عنها مجموعة من أهم نقاد العالم في صحف ومجلات مرموقة مثل »اللوموند«. أنا لست مسؤولا عن ان النقد في العالم العربي يقف عند أواخر الستينات، ولا زال يحتفي بالرموز وبجماليات القمع وبالهشاشة ولا يرى السينما في علاقة بمتفرج. وأنا لم أتنازل أبدا كناقد، ولو تابعت كتاباتي تجدني أتكلم بنفس الطريقة. وأعتقد انني كنت متجاوزا لكثير من النقاد الذين لا يزالون جالسين على أواخر الستينيات يحفظون كليشيهاتهم. لا أعتقد ان أي مخرج يحاول عمل فيلم غير جماهيري، لكن للأسف هناك فهما خاطئا للجماهيري بأنه شباك التذاكر.. هذا أحد جوانبه لكن الجانب الأساسي في الجماهيرية هي ان تسعى كي يفهمك الآخرون، باعتبار السينما احدى وسائل الاتصال وهي وظيفة اساسية فيها، كما هو الحال في الكتابة او الرواية التي تسعى دائما لكي تجد قارئا.. او شخصا تتحدث معه..، كلما ازدادت هذه القاعدة من الناس الذين تتحدث معهم كلما كان جماهيريا اكثر.. وهذا يُعبّر عن نفسه انتاجيا بتمويل العمل سواء أكان كتابا او فيلما او حتى جريدة او مجلة، لأنه في العادة تقاس أهمية اية جريدة في العالم بعدد قرائها، وتأخذ من هنا أهميتها ومدى تأثيرها على الرأي العام، فلو ان الفيلم حقق نفس الشيء يتم احتكاره، ويقولون هذا فيلم تجاري.. التجارية أتت من فيلم جماهيري كما هو الحال بالنسبة للجريدة او للكتاب. السينما علاقة بين طرفين: مبدع ومتلق، كل منهما يطور الآخر.. يوجد علاقة متبادلة غير أحادية.. العلاقة ترتبط بالظرف السياسي والثقافي والاجتماعي والمرحلة التي نعيشها وتطور العالم..
{ ماذا عن علاقتك كناقد وسينمائي مع زملائك السينمائيين في مشرق ومغرب الوطن العربي؟
حاليا، أنا أتعامل مع سينما مشرق ومغرب الوطن العربي باعتباري صانع أفلام وليس باعتباري ناقدا. لا أكتب عنها. ولكنني في حوار مستمر مع أصدقائي السينمائيين في المشرق والمغرب لأنني أعتقد ان هناك كثيرا من الهموم القومية والوطنية والاجتماعية التي تجمعنا، بالاضافة الى ان عددا كبيرا منا كان زملاء دراسة. درسنا معا، عشنا وحلمنا معا بالسينما. وجاء الوقت الذي نحقق فيه أحلامنا والتي هي أحلام مشتركة. حاوره: محمد عبيدو