يجري بتزايُد توفير الأفلام النيجيرية مجاناً عبر الإنترنت، بدلاً من عرضها حصرياً على منصات البثّ المدفوعة أو القنوات التلفزيونية، ما يحقق ملايين المشاهدات ويُحدث تغييراً في آفاق "نوليوود"، أي قطاع السينما النيجيرية الذي يُعدّ ثاني أكثر القطاعات إنتاجاً في العالم بعد بوليوود الهندية.
وعلى سبيل المثال، بعد أقل من شهر على إصداره بداية العام 2025، حقّق فيلم "لاف إن إفري وورد" (Love in Every Word) للمخرج النيجيري أوموني أوبولي، أكثر من 20 مليون مشاهدة عبر منصة يوتيوب، ويرتبط هذا التغيير مباشرةً بالأزمة الاقتصادية الحادة التي تعيشها نيجيريا منذ تولي الرئيس بولا أحمد تينوبو السلطة في مايو/ أيار 2023 وبدء تطبيق إصلاحاته الاقتصادية.
وتجاوز التضخم 30% عام 2024، وارتفعت نسبة النيجيريين الذين يعيشون تحت خط الفقر من 40,1% في العام 2018 إلى 56% سنة 2024، أي 129 مليون نيجيري، بحسب البنك الدولي. وأجبرت هذه الأزمة منصات البثّ التدفقي والقنوات التلفزيونية ومقدمي خدمات الإنترنت على زيادة تعرِفة اشتراكاتهم، إذ رفعت منصة نتفليكس قيمة اشتراكها الشهري من 4400 نيرة (نحو 2,60 دولار أميركي) إلى 7000 نيرة (نحو 4,50 دولارات).
وبحسب تقرير لمؤسسة سي بي إم إنتلدجنس البحثية التي تتخذ من لاغوس في نيجيريا مقراً، يتّجه عدد كبير من الأشخاص إلى خفض إنفاقهم على الترفيه، بما في ذلك الاشتراكات في القنوات التلفزيونية ومنصات البثّ التدفقي، كما أشارت مجموعة مالتيتشويس الكبرى لقنوات التلفزيون المدفوعة في أفريقيا إلى خسارة نحو 250 ألف مشترك بين إبريل/ نيسان وسبتمبر/ أيلول 2024.
ورغم الزيادة الطفيفة في عدد الاشتراكات عام 2024، خفّضت منصة نتفليكس الأميركية استثماراتها في مشاريع جديدة في نيجيريا، الدولة التي تضمّ أعلى معدّل للسكان في أفريقيا، وقد اعتمدت منصة برايم فيديو (Prime Video) النهج نفسه وصرفت عدداً من موظفيها في القارة.
وبما أن تذاكر السينما باتت بمثابة رفاهية، يتّجه المستهلكون وصنّاع الأفلام النيجيريون إلى بدائل أرخص. هذا ما أقدمت عليه أديليكي أديسولا (31 عاماً) التي تعمل في قطاع الصحة في إبادان، ثالث أكبر مدينة في البلاد، تقول: "أستمتع بقراءة التعليقات التي تعبّر عن أفكاري بشأن فيلم أو مشهد ما، ولا يتعيّن عليّ أن أدفع اشتراكاً شهرياً لمشاهدة الأفلام في يوتيوب"، فيما يوضح المخرج والمشارك في تأسيس قناة آي باكا تي في (iBAKATV)، كازيم أديوتي، عبر "يوتيوب"، أنّ تطور نموذج توزيع الأفلام في نيجيريا بدأ بسرّية قبل بضع سنوات، بفضل ممثلين وممثلات يستخدمون منصاتهم التي يتابعها عددٌ هائلٌ من الأشخاص في مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لأفلامهم.
ويقوم عدد من الممثلين البارزين الذين تتابعهم حسابات كثيرة عبر مواقع التواصل بعرض الأفلام التي يشاركون فيها على قنواتهم الخاصة في يوتيوب، يقول أديوتي إنّ "بعض المخرجين يوافقون على عرض أفلامهم عبر قنوات يوتيوب ناجحة لفترة محددة ويوقّعون عقوداً لتقاسم الإيرادات بناءً على عدد المشاهدات التي يحصل عليها المحتوى".
تعتمد إيرادات "يوتيوب" على عوامل مثل وقت المشاهدة، وتفاعل الجمهور، وملكية حقوق الطباعة والنشر، وموقع المشاهدين، ويقول مدير الشؤون العامة في "غوغل" لغرب أفريقيا، تايوو كولا أوغونلاد: "نشهد معدلات مشاهدة عالية، وهو ما يشير إلى اهتمام قوي من جانب الجمهور بمحتوى نوليوود"، مضيفاً: "إن هذه الزيادة في وقت المشاهدة لا تفيد مبتكري العمل فحسب، بل تُترجَم أيضاً إلى زيادة في إيرادات الإعلانات عبر يوتيوب".
يشير المنتج سون أولوكيتويي إلى أنّ صناع الأفلام أصبحوا أكثر انجذاباً إلى "يوتيوب" لأسباب مالية، إذ إنّ "الأفلام التي تُصوَّر للعرض على يوتيوب أرخص بكثير من التي تُعرَض في دور السينما أو عبر منصات البثّ الرقمية"، ويقول: "إنّه وضع مربح من ناحيتين لصنّاع الأفلام، إذ ينفقون مبالغ أقل بكثير على الإنتاج، ويحتفظون بحقوق الملكية للأفلام، ويكسبون أموالاً كثيرة"، وتنتج نوليوود ما معدله 50 فيلماً أسبوعياً، أي أكثر من 2500 فيلم سنوياً.
(فرانس برس)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق