كان المخرج السوري الراحل خلدون المالح، الذي رحل قبل ايام غريبا في إحدى مشافي مدينة لوس أنجلوس استثنائيا تنوعت مجالات عطائه وترك بصمة لا تنسى في كل ما أعطى وأبدع ، من جيل الرواد الحقيقيين للدراما في سورية منذ انطلاقتها قبل أكثر من خمسين عاماً.
ويعتبر خلدون المالح قامة إعلامية كبيرة، بدأ مسيرته المهنية مذيعاً في إذاعة دمشق، ومخرجاً إذاعياً، ومارس قرابة النصف قرن مختلف الاختصاصات الإعلامية في التلفزيون السوري الذي ساهم بتأسيسه، حيث عمل، كمذيع أخبار، ومراسل، ومدير للبرامج ، وكان أول من خضع لدورات تدريبية خارج البلاد كمذيع ومقدم أولاً، ثم كمخرج تلفزيوني وكان "على عيني" آخر برنامج قدّمه الراحل عبر الفضائية السوريّة خلال سنوات تأسيسها الأولى.
وينحدر "المالح" من عائلة دمشقية عريقة، من مواليد دمشق سنة 1938 ، وانتسب إلى نقابة الفنانين في 1968، ليبدأ مشواره الفني بإنتاج وإخراج عدد من المسلسلات والمسرحيات.ويعد من أوائل المخرجين التلفزيونيين في سورية وكبارهم، حيث أخرج عدداً من الأعمال التي حفرت في الذاكرة السورية والعربية منها "مقالب غوار" و "صح النوم" و "وين الغلط" و "وادي المسك". وتولى إخراج الفيلم السينمائي "صح النوم"، فضلاً عن إخراجه التلفزيوني لمسرحيات دريد لحام ومحمد الماغوط كمسرحية "غربة" و "ضيعة تشرين".
غاب بعدها الراحل عن الإخراج التلفزيوني 17 عاماً، وعاد مع مسلسل "الجمل" الذي حصل على الجائزة الأولى للدراما في مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون.
قال عنه المخرج هيثم حقي : " وداعاً خلدون المالح ... وداعاً أبا مختار ... وداعاً للصديق المخرج والمنتج الذي كان من المؤسسين للتلفزيون السوري وأول وجه أعلن عن افتتاحه في 23 تموزعام 1960 ... وداعاً للفنان الذي أدخل السعادة للمتفرج السوري والعربي بأعماله التي غلب عليها طابع البهجة ...
وداعاً خلدون المالح الإنسان الذي أحب المرح والحياة الهنية ...فكانت صحبته تبعث دائماً على الفرح وقد ترافقنا في السفر في عدة مناسبات فكانت دائماً في ذاكرتي أياماً طيبة برفقة كريم محب للحياة ومستمتع بها ...
أبو مختار العزيز ستفتقدك (الحياة الحلوة) التي كانت دائماً تليق بك ... وأسفي على حال سوريا التي احببتَ وقدمتَ لها الكثير ، فكم هو محزنٌ أنني لن أكون في وداعك ..."
ورثاه المخرج مأمون البني : " وداعاً الصديق خلدون .. وداعاً أبو مختار .. كم هي حزينة هذه الحياة التي تختصر بكلمات لرثاء عزيز .. كم هي حزينة عندما يصبح الانسان مرحوم ..
نعم خلدون المالح أصبح مرحوماً .. سأبدأ بكلماتك التي دونتها في جويلية 2015 : ليس أشد ايلاما من عجزك عن مد يد العون لأقرب الناس إليك من أبناء وطنك . لقد كنت ابن سوريا البار، الشاب المندفع في تقديم فقرات إذاعية في أجنحة معرض دمشق الدولي الأول 1954 . عندما ضمك الأمير يحيى الشهابي إلى ملاك الإذاعة السورية ، و كنت في القاهرة عندما صدح صوتك في الإذاعة المصرية لتعلن نبأ تأسيس التلفزيون السوري في 23/جويلية /1960 ..
و بعدها توالت أعمالك التي نذكرها للآن المسلسلات صح النوم و ملح و سكر و وادي المسك و حمام الهنا و مقالب غوار و الجمل ومسرحيات مثل ضيعة تشرين و غربة و مجموعة كبيرة من البرامج التلفزيونية و المنوعات .. و بما أنك الفنان المكتمل فقد كنت أحد الفنانين التشكيلين و المصورين الفوتوغرافيين . تاريخك الفني و الإعلامي حافل بالإنجازات الكبيرة التي رسخت حضور الرجال العظام . لروحك السلام و لعائلتك – زوجتك الرائعة ماكدة و ولديك مختار و خالد الصبر و السلوان "
نقلا عن ملحق السينما بجريدة الحياة الجزائرية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق