الأحد، 5 أبريل 2015

محطات في تاريخ السينما الجزائرية

اعداد محمد عبيدو
قال أحد نقاد السينما الأمريكيين (إنها دون شك السينما الأكثر ثراء وإبداعاً في العالم العربي. لقد حازت على شهرة عالمية. وهي المنافس الوحيد للسينما المصرية).
الشهادة لصحفي من بلد هو أكبر منتج ومستهلك للسينما، عن رصيد يبدو متواضعاً من حيث عدد العناوين خلال عمر هو أقل من نصف قرن بقليل.. عن سينما كانت ولادتها أشبه بالولادة القيصرية، وتدرجها مكابدة ونضال، ومكاسبها المعنوية تألقاً عالمياً.
الواقع أنه لم يكن للسينما الجزائرية أن تنشأ وتتطور في مسار خطي مستقيم ومنتظم، فشأنها شأن المجتمع الجزائري ومؤسساته الناشئة، عرفت في مسار تاريخها القصير فترات للتألق وأخرى للأفول.
كان هناك تاريخ للسينما الجزائرية أثناء فترة الاستعمار الفرنسي، ولكن لم يكن هناك سينما جزائرية بالمعنى المفهوم حيث كان إسهام الجزائيين أنفسهم في السينما قليلاً جداً. فعلى سبيل المثال، عندما نالت الجزائر استقلالها، كان هناك ما يقرب من 300 دار عرض سينمائية في البلاد جميعها يعمل بنظام 35 ملليمتر. وكان أغلب هذه الدور في الجزائر العاصمة، ووهران اللتان يتمركز فيهما الأوربيون، وكان اهتمامها الأساسي ينصب على تلبية رغبات واحتياجات هذه الجالية التي كان معظمها من الفرنسيين فمن بين 1400 فيلم روائي طويل قامت بتوزيعها شركات جزائرية، كان هناك فقط 70 فيلماً مصرياً، وتعرضت هذه الأفلام أيضاً لضرائب أعلى من تلك المفروضة على الأفلام الأوربية أو الأمريكية.
وقبيل نهاية القرن التاسع عشر، كان الفرنسي (الجزائري المولد) فيليكس ميسجيش قد قام بتصوير عدد من المشاهد في شوارع الجزائر العاصمة، ومدينة تلمسان لصالح الفرنسي الشهير لوميير لعرضها على الجالية الأوروبية العاصمة ووهران في خريف 1886، وخلال الفترة التي تفصل الحرب العالمية الأولى عن حرب التحرير الجزائرية، تم تصوير ما يزيد على 50 فيلماً جزائرياً عن طريق شركات أجنبية، معظمها فرنسي. ولم يشترك في هذه الأفلام سوى عدد قليل جداً من الممثلين الجزائريين وفي أدوار ثانوية. وأثناء الحرب العالمية الثانية بدأت السلطات الفرنسية في إنشاء جهاز لتوزيع الأفلام السينمائية في الجزائر وخاصة المناطق الريفية التي يسكنها الجزائريون لأغراض دعائية، كما أنشأت جهازاً موازياً للإنتاج السينمائي لنفس الغرض. بدأت الخطوات الأولى للسينما الجزائرية مع انطلاقة الثورة الجزائرية، ولعبت دوراً هاماً في النضال الذي خاضه الشعب من أجل تحرير الجزائر. وقد أسس جيش التحرير الجزائري أول مدرسة للتكوين السينمائي للثورة الجزائرية (بالأوراس) بالشرق الجزائري في 1957، تحت إشراف المخرج الفرنسي، وأحد أنصار جبهة التحرير الجزائرية بنفس الوقت، رينيه فوتييه، والذي أخرج في تلك الفترة فيلمه الشهير (الجزائر تحترق) عام 1959. وقد صرح روني فةتيه في كثير من المناسبات ان التحاقه بالمجاهدين على أرض المعركة نابع من إيمانه بعدالة قضيتهم من جهة و ضرورة تصوير الوجه الآخر لفرنسا الإستعمارية من جهة أخرى وقد ساهمت هذه المدرسة في إنجاز عدة أفلام وثائقية ". كما عرفت هذه الفترة إنجاز أول فيلم جزائري يصور بأرض المعركة بعنوان " الجزائر تلتهب " يتحدث عن العمليات العسكرية و حياة المجاهدين . وتمكنت السينما التحريرية من القيام بدور فعال في الثورة و ذلك بتقديم صور حية وواقعية عن أرض المعركة تؤكد ما يجري في الجزائر حيث يتعلق الأمر بمصير شعب يخوض حربا تحريرية من أجل استقلاله و كرامته . كما مكنت أيضا من إظهار الوجه الحقيقي للمستعمر الذي كان على عكس إدعاءاته يشن حربا إستنزافية حقيقية ضد الجزائريين.
إن لتزامن بداية الإنتاج السينمائي الجزائري مع ثورة شعبها على الاحتلال الفرنسي (1954 – 1962) دوراً كبيراً في صياغة توجهه نحو تصدير حقائق الواقع المعاش وتسجيل الأحداث التاريخية، خاصة المتصلة منها بالثورة الجزائرية، حيث نجد أن الثورة عملت منذ البداية على تجنيد كل ما أتيح لها من الوسائل السمعية البصرية والكفاءات لتوثيق كفاح الشعب الجزائري في أفلام مادتها الأولى من نسج الواقع اليومي للثورة مثلما سجلت نشأة متميزة لـ (فن سينمائي) يرتبط ارتباطاً مباشراً بالواقع النضالي، فلم يكن للأعمال المنجزة حينذ، إلا أن تساير تاريخ الأمة بانتصاراته وتشكل جزء من ذاكرتها الجماعية.
وتشكلت النواة الأولى لمدرسة سينمائية لجيش جبهة التحرير الوطني من خلال لجنة السينما التي أنشأتها الحكومة الجزائرية المؤقتة، وتم إنتاج العديد من الأعمال الوثائقية خلال الفترة بين 1956- 1961 مثل: (اللاجئون) 1956 إخراج سييل كوجي، (هجومات منجم الونزة) 1957، (ساقية سيدي يوسف) 1958 إخراج بيا كلمو، (جزائرنا) إخراج جمال سندرلي ولخضر حامينا. كما يعتبر فيلم (ياسمينة) أول عمل للمخرج السينمائي لخضر حامينا ومن إنتاج لجنة السينما التابعة للحكومة الجزائرية المؤقتة. ثم تتالت بعده جملة من الأفلام القصيرة مثل (صوت الشعب) و (بنادق الحرية).
أولت الجزائر المستقلة اهتماماً كبيراً للفن السينمائي وركزت لأجل ذلك على عملية تكوين الفنيين والتقنيين في هذا المجال، وكان عدد قاعات السينما 400 قاعة تحت سيطرة الدولة. وتحديداً البلديات. وانطلاقاً من سنة 1964 تم تأسيس المركز الوطني للسينما (CNC) والمعهد الوطني للسينما (INC). وفي 18 أثار من نفس السنة أنشىء (السينماتيك) الجزائري. لتأتي سنة 1967 ويتم حل المؤسستين المذكورتين. فتعوضان بالمركز الجزائري للسينما (CAC) والديوان الوطني للتجارة والتوزيع السينمائي (ONCIC) الذي احتكر استيراد وتوزيع الأفلام وكان يشرف أيضاً على إنتاج الأفلام المشتركة مع الدول الأجنبية والعربية.
ومع تواجد هذه الهياكل السمعية البصرية أنتجت الجزائر خلال هذه الفترة العديد من الأفلام التي سيطر عليها الخطاب السياسي والثوري التحرري. وكان من أبرز مخرجيها لخضر حامينه، أحمد راشدي، مصطفى بديع، عمار العسكري. في فيلم " فجر المعذبين " (1965 ) مثلاً ، يعتمد أحمد راشدي على مادة أرشيفية بالغة الغنى ، وتأملات لبعض المفكرين ، تتعرض ، مع الوثائق التسجيلية ، إلى الماضي الاستعماري ، وترنو إلى المستقبل الثوري للقارة الأفريقية كما تميزت هذه المرحلة بإنتاج العديد من الأفلام المشتركة خاصة مع إيطاليا من خلال فيلم (معركة الجزائر) 1966 للمخرج جيليو بونتيكورفو الذي حصل على جائزة الأسد الذهبي لمهرجان البندقية ,عن نص هو سيرة ذاتية للمجاهد والممثل ياسيف سعدي , الذي عايش معركة الجزائر ووقائع محاصرة السلطة العسكرية الاحتلالية للفدائيين الجزائريين في قلب العاصمة الجزائر طيلة أسابيع , ليأتي الفيلم مفعما بالحرارة الدرامية والمقاربة الواقعية للأحداث . وتميز بصياغة بصرية ودرامية عالية وأضفى عليه الأسود والأبيض واقعية لصيقة بالراهن المعاش في تلك الفترة . كما تضاعف الإنتاج المشترك مع فرنسا ومصر . فنشطت حركة الإنتاج السينمائي حتى بلغ عدد الأفلام الجزائرية خلال 1966- 1974 (24) فيلماً. أبرزها:
(ريح – الأوراس) لمحمد لخضر حامينة 1966، أحد أهم أفلام تلك الفترة وأقواها تعبيراً عن الإنسان العربي بالجزائر. عبر لغته السينمائية الشفافة والشاعرية، يحكي الفيلم عن أم فلاحة اعتقل الفرنسيون ابنها فراحت تبحث عنه يبن معسكرات الاعتقال حتى تجده في إحداها فتكتفي بمتابعته بنظراتها كل يوم من خلف الأسلاك الشائكة، ولكنه عندما يختفي مرة أخرى تفقد وعيها وتلقي بنفسها على الأسلاك الشائكة التي تصقعها. هذا الفيلم حائز على: 
- جائزة العمل الأول من مهرجان كان لعام 1966 - جائزة أفضل سيناريو وجائزة الكتاب السوفيت الكبرى للسيناريو في موسكو 1967 - جائزة الغزال الذهبي من مهرجان طنجة (المغرب) لعام 1968
و (الليل يخاف من الشمس) لمصطفى بديع 1966 الذي يروي مسيرة ونهاية حرب التحرير في أربع لوحات تحمل كل منها عنواناً.. كما ان العمل الدرامي المؤثر والشاعري الذي قدمه حامينا في أول أفلامه الروائية لم يمنعه عام 1968 من ان يقدم فيلما كوميديا بارزا بعنوان " حسن الطيرو " وفيه يقدم حامينا صورة مؤثرة وباطار كوميدي عن كيف تؤدي ظروف الوطن الصعبة ابان الاستعمار بموظف بسيط الى أن يصبح ثائرا على الاستعمار ودون أن يدري . و وقدم أحمد راشدي فيلم (الأفيون والعصا) 1970، الذي يعرض قصة قرية جزائرية في جميع مظاهرها أثناء المقاومة. إنها المقاومة كما يراها الذين عاشوها وتجاوبوا معها وتحملوها. يهجر الدكتور بشير الحياة المترفة إلى الجبل ، حيث مسقط رأسه ، قرية تاله التي دخلت مجال المقاومة ، تدور حلقات اللعبة القاسية والحادة التي تؤدي بسكان القرية إلى رفض نقطة من الحقيقة العميقة ، ينضم شقيق بشير أيضاً إلى المقاومة ، ويجابهان قوت الاحتلال ، يحاول ضباط الوحدات الإدارية إقامة منظماتهم بأشخاص يسيرون على هديهم .
وفي " الأفيون والعصا " يفند أحمد راشدي الفكرة الاستعمارية القائلة بأنه " إذا أردت أن تحكم شعباً فاستعمل العصا ، فإذا لم تنفع فاستعمل " الأفيون والعصا " ، فهو يقدم تجربة قرية جزائرية في جميع مظاهرها أثناء المقاومة تتعاطف مع الثوار ، وتحاول السلطات الاستعمارية أن تروضها ، لكن عبثاً ، وعندما تنسف القرية كاملة ، نشهد مسيرة أهلها نحو أعالي الجبال حيث الثوار . إنها المقاومة كما يراها الذين عاشوها وتجاوبوا معها وتحملوها وسواء في " فجر المعذبين " أو " الأفيون والعصا " ، يتمتع راشدي بحس سينمائي مرهف ، فضلاً عن أن الفيلمين يقدمان وجهات نظر وطنية لا خلاف حولها ، خاصة وأنها تتعرض للماضي أكثر من تعرضها للحاضروعندما تنطلق الملحمة تكوّن السلوك اليومي للحياة، من تصادم الإرادات المتعارضة.وقدم المخرج والممثل الراحل محمد زينات فيلمه " تحيا يا ديدو عام1971 الذي استند فيه الى نصوص شعرية بالعامية الجزائرية كتبها الممثل والشاعر الشعبي حيمود اباهيم حيث تتقاطع في ثنايا الفيلم الكثير من المقاطع الشعرية . وشاعرية اللغة السينمائية وظفها زينات بكثير من الحميمية والصدق الذي لا يخفي الكير من النقد والمراجعة للتاريخ " 
و (دورية نحو الشرق) 1971 لعمار العسكري، و (عرق أسود) 1972 لسيد علي مازيف، و (منطقة محرمة) لأحمد علام 1972. و " سنعود " لسليم رياض 1972 ..
عام 1972 كان عاما متميزا للممثل الجزائري " سيد علي كويرات " الذي شاهدناه في فيلم " عودة الابن الضال " ليوسف ساهين .. في هذا العام كان كويرات قد اختير من قبل حامينا ليلعب دور البطولة في فيلمه " ديسمبر" وهو دور أحد رجالات المقاومة الجزائرية الذي يعذب بوحشية من قبل سلطات الاستعمار بغية انتزاع معلومات منه عن خطط المقاومة .. هذا التعذيب الذي يؤدي في النهاية الى بقظة الضمير لدى أحد ضباط العدو ويجعله يعي مدى وحشية الاستعمار واستهتاره بكافة القيم الانسانية .
والسينما الجزائرية التي ابتدأت من التعبير عن (القضية) إبان الثورة ثم بعد الاستقلال، وقدمت نتاجات هامة، سرعان ما انطلقت إلى مرحلة تالية ابتدأت خلالها بطرح أسئلتها على الثورة نفسها. ولن يكون من المغالاة هنا القول أن (الاحتلال) الافتتاحي لمثل هذه النظرة أتى على الأقل عبر فيلمين أساسيين من المؤسف أنهما يكادان أن يكونا منسيين اليوم (نوة) 1972 لعبد العزيز طولبي الذي اقتبس عن مجموعة قصصية للروائي الطاهر وطار . و (الفحام) 1972 لمحمد بو عماري , و في فيلم (الفحام) نرى : بلقاسم، الفحام رجل في أوج قوته وشبابه، يشن كل يوم صراعاً دون هوادة على الطبيعة ومكوناتها فمهنته التي لا يعرف غيرها في الحياة تتمثل بتحويل الخشب إلى فحم لبيعه في السوق الكبير وتأمين العيش لأسرته الصغيرة المكونة من زوجة وولدين. يقرر بلقاسم بسبب ظروفه الحياتية الصعبة أن يهجر قريته ليجرب حظه في المدينة. 
بعد أن ينتقل من فشل لآخر، يقرر العودة إلى القرية ويمضي ليلته الأخيرة في المدينة في حمام السوق. 
هناك يلتقي بزعيم (الجماعة) في قريته السي قدور الذي ينقل له خبراً غير متوقع: إن زوجته تعمل في مصنع القرية. بعد أن تثور ثائرته ويخرج عن طوره، يقرر العودة مسرعاً إلى قريته، وفي غياب زوجته عن المنزل يخبر والدتها بأنه لن يسمح لابنتها بالعودة إلى منزل الزوجية ولن يتراجع عن قراره ويرحل بعد أن يصطحب أبناءه معه. 
تتوالى الأحداث بعد عودة زوجة بلقاسم من مصنع النسيج، حيث تعمل، لملاقاة أبنائها حاز الفيلم : 
- التانيت الفضي في مهرجان قرطاج لعام 1972. - جائزة النقاد السينمائيين الدولية في مهرجان أوغادوغو لعام 1973- شارك في مسابقة جورج سادول لعام 1973. - جائزة المكتب الكاثوليكي في برلين لعام 1974.)
وهذان الفلمان(نوة) و (الفحام) ، ومنذ النصف الأول من سبعينات القرن الماضي آثرا، وكل على طريقته، التخلي عن سهولة الموجود، للوصول إلى صعوبة طرح الأسئلة.. ولم يقابلا طبعاً بعين راضية، إذ أن المخضرمين انتصبوا دفاعاً عن المجد والتاريخ ضد الواقع الراهن الذي جعل الثورة غير قادرة على الوفاء بكل وعودها. لماذا ؟ سؤال حاول الإجابة عنه محمد لخضر حامينا في (وقائع سنوات الجمر) 1974 فتشتت الإجابات لكن الفيلم لقى صدى كبيراً، إضافة أنه نال عام 1975، أكبر جائزة ينالها فيلم عربي حتى اليوم: (السعفة الذهبية) لمهرجان كان، في هذا الفيلم كان الواضح من جواب حامينا أن الثورة إنما كان لها هذا المصير لأن الخلل يكمن في جذورها الاجتماعية. وهذا الكلام أثار الحفائظ، ولكن اليوم، ألا يمكننا أن نرى في ما حصل في الجزائر تحققاً لـ (نبوءة) حامينا، وكذلك تحققا لمواقف طولبي وبوعماري. ثم أفلا يتطابق مصير المرأة الجزائرية (التي ساهمت مساهمة أساسية في الثورة) مع ما تقوله آسيا جبار، المنتقدة هي الأخرى لضحية الثورة في فيلمها الوحيد والرائع (نوبة نساء جبل شنوة)؟.
يقتحم محمد سليم رياض ، في فيلمه (( ريح الجنوب )) المنتج عام 1975 بجرأة ، منطقة خطرة ، مزروعة بالألغام ، هي منطقة القيم المتخلفة التي لا تزال مهيمنة على قطاع لا يستهان به من الناس ، تحرروا من الاستعمار ، لكنهم ، لم يتحرروا بعد ، من الأوهام ... 
والفيلم ، شأنه شأن العديد من الأفلام الجزائرية ، يهتم بالخاص بقدر اهتمامه بالعام ، فإحدى عينيه ترقب ما يدور داخل روح بطلته ، والتي ترفض الرضوخ لأوامر عائلتها المتعلقة بمنعها من مواصلة تعليمها ، بينما العين الأخرى ترصد ما يدور خارج دارها حيث البلادة والسأم والاهتمامات الصغيرة ، البائسة ، وفي موقف / من المواقف القوية ، يتوغل (( ريح الجنوب )) في نقده الشجاع داخل منطقة القيم السلبية الموروثة ، والتي تتمثل في تلك الطقوس الطويلة ، اللامجدية ، التي تعقب دفن إحدى عجائز القرية ، والتي تمتد إلى عدة أيام ، ثم يتطرق إلى ذلك الحديث السقيم الذي يلقيه (( علامة جاهل )) ، بصوت عميق ، عن نار الجحيم ، والمكان الذي تبدأ منه عندما تلتهم أجساد الأشرار : من أخمص القدم إلى أعلى أم من شعر الرأس إلى أسفل ! ويعلق أحد فرسان النضال من أجل الاستقلال تعليقاً مفعماً بالضيق والمرارة .واخرج الأمين مرباح فيلمه " بني هندل" عام 1976 : قرية بني هندل، يتم نزع أملاك الفلاحين، وطرق الاستغلال البشعة، مما يدفع بالكثير منهم إلى الهجرة خارج وطنهم ومدنهم، يضطر البعض إلى بيع أرض الأجداد ثم يزحفون على المدينة، حيث يعيشون حياة جديدة بحثاً عن لقمة العيش، فمنهم من يجد عملاً كشيال، إما ماسح أحذية، أو حداد، أو في أعمال وضيعة لدى القوادين والساقطات، يقرر ابن القرية محمد إطلاق النيران على المستعمرين الذين كانوا يحتفلون بزواج بين عائلتين.
واقتبس المخرج محمد نذير عزيزي احداث فيلمه " زيتونة بوهليلات " 1977 عن قصة كتبها الشاعر والاديب الراحل مالك حداد للاذاعة ويقدم ازمة عميقة تعرض لها بطل الفيلم المتقلب بين حياته العاطفية وخدمة الأرض التي دفعت بالكثير الى التوجه نحو المدينة . لينتهي الفيلم بحالة من الجنون والتيه في فيافي تلك القرية المعزولة عن العالم .يتبع


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق