"إلى ما وراء البحار!"، هذا ما تقوله بريشيوس لأخيها موفي، الشخصية الرئيسية في الفيلم النيجيري "هذه هي رغبتي"، مبدية سعادتها من حصول أخيها على جواز سفر.
الفيلم يظهر مدى شغف العديد من سكان العاصمة النيجيرية لاغوس بالهجرة. ورغم أن كل أحداث الفيلم تدور في لاغوس، إلا أنه ينقسم إلى فصلين، يحمل الأول العنوان "إسبانيا" والثاني "إيطاليا". وهما البلدان اللذان يريد أبطال الفيلم الوصول إليهما.
الهجرة موضوع أساسي في نيجيريا
يقول مخرج الفيلم، آري إيسيري، لمهاجر نيوز: "يتم الحديث عن الهجرة بشكل واسع في نيجيريا"، ويضيف: "أحد المواضيع الرئيسية التي يتم الحديث عنها هو الوضع في الوطن"، ويتابع: "وبذلك تأتي أسئلة مثل: متى ستتغير الأمور؟ وإن لم تتغير، متى أخرج وأجعل حياتي أفضل؟"
درس آري وأخوه تشوكو، كاتب السيناريو، في كل من بريطانيا وأمريكا، وبذلك فموضوع الهجرة ليس جديداً بالنسبة لهما.
يذكر آري أنه وبمجرد أن يحمل المرء جواز سفر نيجيري، فإن التحديات التي يواجهها في رحلة هجرته تزداد، مشيراً إلى أن المواطنين الأوروبيين قد لا يواجهون تلك التحديات في حياتهم. ويتابع مخرج الفيلم: "حتى الوصول إلى مهرجان برلين السينمائي له تحدياته الخاصة"، ويضيف: "نحن محظوظون، إذ يمكننا القراءة والكتابة والتقدم بطلب للحصول على تأشيرات"، لكن الشخصيات في الفيلم ليست كذلك.
فبطل الفيلم موفي أمّي، وعليه الاعتماد على وسطاء لإخباره بالوثائق التي يحتاجها ثم مساعدته في ملء الاستمارات اللازمة لتقديم طلب الحصول على جواز السفر أو تأشيرة السفر. يقول تشوكو، كاتب السيناريو: "هذه الحياة الدرامية موجودة دائماً".
وبدلاً من التركيز على الرحلة إلى أوروبا نفسها، يهدف الفيلم إلى تسليط الضوء على الحياة اليومية للناس في نيجيريا وتوضيح أسباب رغبتهم بالهجرة. وحتى الناس الصبورون أيضاً، مثل بطل الفيلم موفي، يفكرون بالهجرة تدريجياً.الهجرة تتطلب المال
لكن تحقيق الرغبة في الهجرة يتطلب المال، وهذا ما يظهره الفيلم في كثير من الأحداث. يوضح تشوكو أنه أراد أثناء كتابة الفيلم "إظهار ما يمر به الأشخاص الذين يرغبون في الهجرة".
الكثير من الأخبار والتقارير في أوروبا تميل إلى تصوير النساء النيجيريات على أنهنّ "عاهرات" والرجال النيجيريين على أنهم "تجار مخدرات". لكن تشوكو أراد من خلال الفيلم التأكيد على أن "الغالبية ليسوا أناساً سيئين بل على العكس تماماً".
وهكذا هي الشخصيات الرئيسية في الفيلم. موفي يعمل كهربائياً في النهار وحارس أمن في الليل. وروزا أيضاً، وهي شخصية رئيسية أخرى في الفيلم، تعمل مصففة للشعر في النهار ونادلة في مطعم في الليل. كلاهما يبذل قصارى جهده لمساعدة عائلته. وواجب مساعدة العائلة هو الذي يجعلهم يفكرون بتحسين أوضاعهم من خلال الهجرة.
البحث عن فرصة
يأمل موف في الوصول إلى إسبانيا أما روزا فتريد الوصول إلى إيطاليا. لا يبدو أن لدى أيّ منهما فكرة حول الشكل الذي قد تبدو عليه هذه الدول، لكنهما يريدان فقط الحصول على فرصة لتحسين الأوضاع المعيشية.
لكن النتائج تختلف في كلتا الحالتين، مثل التحديات المختلفة التي يواجهانها. فنيجيريا مجتمع ذكوري، ومن خلال شخصية روزا أراد كاتب السيناريو أن يتحدث عما قد تمر به الفتيات في بلده. النهاية بالنسبة لروزا مشوّبة ببعض "التسويات" التي قد تجبر العديد من النساء على تقديمها.
ومع ذلك فإن آري وتشوكو أرادا أن يعكسا الأحكام المسبقة التي قد تدور في ذهن الجمهور حول النساء المهاجرات. فالفيلم يخفف من الرواية التي تقول إن المرأة الإفريقية المهاجرة قد تفعل أي شيء من أجل الوصول إلى هدفها، ورغم أن روزا تبدو مستعدة لمقايضة طفل أختها بفرصة للوصول إلى إيطاليا، كما أنها تطلب الأموال والعطور باهظة الثمن من صديقها بيتر، إلا أن المخرج وكاتب السيناريو بذلا قصارى الجهد ليشيرا إلى أن هدف روزا الرئيسي كان إقامة علاقة عاطفية صادقة مع صديقها.
في نهاية الفيلم يظهر أن كلتا الشخصيتين الرئيسيتين لاتزالان في العاصمة النيجيرية. يقول تشوكو: "الرغبة لم تكن تتعلق بمجرد الرحيل بل بإتاحة الفرص"، ويضيف: "أردت أن تبقى كل أحداث الفيلم في نيجيريا للإشارة إلى أن المرء قد يجد فرصته في بلده".
موفي يجد فرصة لتحسين حياته ورعاية عائلته. أراد تشوكو أن يقول للناس: "صحيح أن الحياة صعبة لكن هناك احتمال أن يجد المرء ما يبحث عنه في بلده نفسه".
يقول تشوكو إن الفيلم أثار استحسان الجمهور النيجيري أيضاً. ويقول: "المال الكثير الذي تتطلبه الهجرة يشعر النيجيريين أنهم إذا وضعوا هذه الأموال في مشروع آخر فقد يخلقون فرصهم بأنفسهم".
تشوكو نفسه كان من الممكن أن يعيش في أمريكا، لكنه أراد أن يكون في الوطن ليروي قصصه، ويختم: "الوطن يلهمني وأنا أحبه كثيراً".
إيما واليس/م.ع.ح -