السبت، 18 يناير 2020

ماجدة



عقب مسيرة فنية طويلة
زخر بعشرات الأفلام الاجتماعية والوطنية والدينية، رحلت عن عالمنا الخميس الفنانة المصرية
ماجدة الصباحي عن عمر ناهز 89 عاما. أيقونة من أيقونات زمن الفن الجميل، وجميلة من
جميلاته اللاتي أسعدن الجماهير العربية على مدار نصف قرن من الزمان
. وقال عنها الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر:
"هذه الممثلة أبكتني وأنستني جنسيتي"..ونعت نقابة المهن التمثيلية الفنانة
الراحلة عبر صفحتها الرسمية على فيس بوك كما سارع فنانون من مختلف الأجيال بمواساة
أسرتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وقالت وزيرة الثقافة
إيناس عبد الدايم في بيان إن ماجدة "مثلت أيقونة سينمائية جسدت بنجاح جوانب من
حياة بنات جيلها كما عبرت عن قضاياهن وأحلامهن بصورة صادقة".وأضافت أن "ساحة
الإبداع السينمائي فقدت نجمة ذهبية قدمت أعمالا خالدة ستظل الأمة تتذكرها كما وثقت
لأحداث وشخصيات هامة غيرت وجه التاريخ منها انتصارات أكتوبر والمناضلة جميلة بوحيرد".
ولدت باسم عفاف علي
كامل الصباحي في السادس من مايو عام 1931
بمدينة طنطا ،ابنة واحدة من كبريات عائلات
المنوفية. وكان ظهورها السينمائي الأول في فيلم (الناصح) أمام إسماعيل يس وإخراج سيف
الدين شوكت عام 1949.
. ولكنها طلبت منه تغيير اسمها
على التتر إلى ماجدة، حتى لا يعرف أحد من أسرتها، وقد نشبت مشاكل عدة بين أسرتها وبين
فريق الفيلم أدت لتعطيل العرض لمدة عام كامل قبل أن تنجح الوساطة التي استقدمتها ماجدة
في تهدئة الأمور، وفي إقناعهم بعرض الفيلم، ومن بعدها بدأت بتشكيل ملامح مشوارها الفني.
تميزت بصوتها الناعم
وأدائها المفعم بالمشاعر الدافئة واهتمت بالتعبير عن الفتاة المصرية التواقة للحرية
في حقبة الستينيات من القرن الماضي فقدمت أفلام منها : (المراهقات)
وقدمت ماجدة في العمل عدة شخصيات ونماذج
لحياة المراهقات في المدرسة وحياتهن الشخصية ومشاكل مختلفة بعين قريبة على هذا العالم
النسائي, و(حواء على الطريق) وفيه قدمت ماجدة شخصية الفتاة الرافضة للزواج بسبب خوفها
من الأفكار الرجعية للرجل في المجتمع الذكوري، فنرى الفيلم يكشف قرارها برفقة مجموعة
من الفتايات بركوب الدراجات والسير بها في شوارع القاهرة، ويرصد العمل نظرات الرجال
في موقف مثل هذا.
كما
يقدم أكثر من نموذج لشخصية المرأة الخاضعة والثائرة والهادئة التي تبحث عن الحب، وشارك
في الفيلم رشدي أباظة ومديحة سالم وعبدالمنعم ابراهيم ورشوان توفيق,و(الحقيقة العارية)
عن نموذج الفتاة الذكية والناجحة في عملها
قدمت ماجدة شخصيتها في هذا الفيلم، وشاركها بطولته إيهاب نافع، ولعبت دور فتاة أصابتها
عقدة من الزواج بسبب تجربة أمها مع الطلاق وجبروت والدها، كما أنها ترى زوج أختها متحكم
ودكتاتوري وتريد أن تتخلص من هذا المصير ولا تنقاد تجاهه فتضرب عن الزواج وتعاند مشاعرها
بالحب. كما أن الوظيفة التي كانت تعملها في الفيلم تنم عن شخصية إمرأة عاملة جديدة
في المجتمع، حيث كانت تعمل مرشدة سياحية وأوضح الفيلم أنها كانت ناجحة في ذلك ومنتفوقة
على كافة زملائها..
و(أين
عمري)
حيث كانت البداية التي قدمت من بعدها ماجدة
سلسلة أعمال مهمة عن حياة الفتاة المصرية، ومشاكلها مع المجتمع وأفكارها، ورغم أنها
سبقته بأعمال أخرى من نهاية الأربعينيات وبداية الخمسينيات، إلا أن أين عمري مرحلة
مختلفة لأنها كانت بداية الانتاج لماجدة كما أنها بداية تناول مشاكل مختلفة في السينما.
الفيلم تدور أحداثه حول تسلط الأم ونتائج هذا التسلط على شخصية الفتاة وأحلامها، ومما
ستلقاه إذا بحثت عن الحنان خارج منزلها الأصلي، وشاركها في الفيلم أمينة رزق وزكي رستم
ويحى شاهين.
يُذكر أن ماجدة اختفت
عن الساحة الفنية منذ سنوات طويلة، واقتصر ظهورها على المناسبات العائلية، بعدما ابتعدت
عن التمثيل منذ 26 عاما، منذ أن قدمت فيلم "ونسيت أني إمرأة" مع المخرج عاطف
سالم.تجاوز رصيدها الفني 60 فيلما سينمائيا بعضها مأخوذ عن أعمال أدبية مثل (السراب)
عن قصة لنجيب محفوظ و(أنف وثلاث عيون) عن قصة لإحسان عبد القدوس و(الرجل الذي فقد ظله)
عن قصة لفتحي غانم ، فضلا عن تجسيدها بطولة النسخة العربية لرواية إيملي برونتي الأشهر
"مرتفعات وذرينغ" في فيلم الغريب أمام يحيى شاهين.
، كما قدمت دور الصحافية في «العمر لحظة»،
ونجحت كذلك في لعب دور الفتاة البسيطة «نعيمة» في فيلم «بياعة الجرايد»، والفلاّحة
في فيلم «النداهة». وإضافة إلى أفلامها الاجتماعية فإنها شاركت أيضا في الأفلام التاريخية
والدينية.أسست شركة إنتاج سينمائي قدمت من خلالها بعض أفلامها مثل (هجرة الرسول) و(زوجة
لخمسة رجال) و(العمر لحظة) و(جميلة) للمخرج العالمي يوسف شاهين، وهو فيلم يحكي قصة
كفاح المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد.. الفيلم الذي كتبه عبد الرحمن الشرقاوي، علي
الزرقاني ونجيب محفوظ. لم يحك قصة جميلة فقط بل عرض نضال شعب الجزائر ضد الاحتلال الفرنسي
:
جميلة
(ماجدة) فتاة جزائرية تعيش مع شقيقها الهادي (سليمان الجندي) وعمها مصطفى (فاخر فاخر)
في حي القصبة أثناء الاحتلال الفرنسي للجزائر، وتشاهد جميلة مدى الظلم والجبروت والقسوة
الذي يتعامل به الجنود الفرنسيين مع أبناء وطنها، وتستيقظ روحها الوطنية عندما ترى
تعذيب ومقتل زميلتها أمينة بالمدرسة فقد كانت ضمن منظمة لمقاومة الاحتلال، وتنضم جميلة
إلى الفدائي يوسف (أحمد مظهر) وتقرر هي أيضاً مقاومة الاحتلال مع الفدائيين وتقوم مع
زميلتها بو عزة (زهرة العلا) بعملية فدائية يتم فيها القيض على بو غزه ثم يتم قتل عمها
أيضاً رمياً بالرصاص، فتستمر جميلة في عملياتها الفدائية ولكن من خلال إحدي تلك العمليات
يتم القبض على جميلة ويقومون بتعذيبها بشدة على يد الكولونيل بيجار (رشدي أباظة) وذلك
من أجل أن تعترف على أسماء جميع الفدائيين الذين يعملون معها، وتقاوم جميلة شتى أنواع
التعذيب، ويتطوع المحامي الفرنسي جاك فيرجيس (محمود المليجي) للدفاع عنها ولكن تحكم
المحكمة عليها بالإعدام وينتهي الفيلم على هذا الحكم، ولكن جميلة في الواقع يتم تبرأتها
بعد ذلك لأن الجزائر حصلت على الاستقلال. خاضت تجربة إخراج وحيدة في فيلم (من أحب)
الذي أنتجته وأخرجته وشاركت في كتابته مع صبري العسكري ووجيه نجيب عام 1966.
شاركت بتمثيله مع أحمد مظهر وإيهاب نافع.
علماً أنه من كتابة وهو مقتبس من الفيلم العالمي "ذهب مع الريح" عن قصة مارجريت
ميتشل.
تزوجت من الممثل
الراحل إيهاب نافع الذي شاركها بطولة عدد من الأفلام مثل (القبلة الأخيرة) و(النداهة).
، وأثمرت الزيجة عن ابنتها غادة التي شاركتها
في بطولة فيلمين هما "عندما يتكلم الصمت" و"ونسيت أني امرأة".
وتعتبر هذه الزيجة الوحيدة في حياة ماجدة الصباحي.
حصلت على جائزة النيل
بمجال الفنون عام 2016 وهي أرفع جائزة مصرية وكرمتها الدولة في عيد الفن عام 2014.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق