محمد
عبيدو
الأوبرا والسينما يتقاطعان بشكل لافت في تجربة المخرج الإيطالي فرانكو زيفريللي، آخر فرد من جيل عمالقة السينما الإيطالية الذي جاء بعد الحرب العالمية الثانية
وكان يشمل فيدريكو فيلليني ولوكينو فيسكونتي وفيتوريو دي سيكا ، وهو الذي رحل عن عالمنا
امس عن 96 عاماً تاركاً أكثر من 24 فيلماً ، و ذاع صيته بأفلام مثل عمله الشهير "روميو
وجولييت"(1986) ، و"ترويض النمرة"، (1967) "مسيح الناصرة"(1977)،
"البطل" (1979)، "عطيل" و " لا ترافياتا" (1983)، المقتبس
عن أوبرا بالعنوان نفسه، وضعها غويسيبّي فِردي. (1986) ، «حب لا ينتهي»
( 1981) بطولة بروك شيلدز و"هاملت" (1990)(بطولة ميل غيبسون)
،"جين آير","شاي مع
موسوليني" وبأعماله الاوبرالية والموسيقية الغزيرة في أكبر مسارح العالم حيث اشتغل على كلاسيكيات
مؤلفين إيطاليين بشكل أساسي (فيردي، بوتشيني، ليونكافالّو...)، مثل "كافاليريا روستيكانا"
و"باغلياتشي" و"لا بوويم" و"توسكا" و"أوتيلّو" وغيرها .
وُلد زيفريللي في مدينة فلورنسا في الثاني عشر من
فبراير (شباط) 1923 , كان والده تاجرا متواضعا للملابس. توفيت الأم عندما كان فرانكو
بعمر 6 سنوات. درس الهندسة المعمارية لكنه لم يكملها بسبب الحرب العالمية الثانية..
بعد تجربة قصيرة في التمثيل الإذاعي، وفي أواخر الأربعينات التقى بالمخرج لوكيانو ڤيسكونتي (1906 - 1976) الذي عينه مساعدا
له في فيلم "الأرض المهزوزة" سنة 1948 ، ومنه تعلّم كيف يوظّف تقنيات المسرح
في السينما،صدر فيلمه الأول عام 1967، لا تيرا تريما، من بطولة إليزابيث تايلور كممثلة
رئيسية.. أخرج زيفريللي أفلاما مهمة وعمل مع
نجوم منهم إليزابيث تيلور وريتشارد برتون ولورانس أوليفيه وأليك جينيس وفاي دونواي
وجون فويت ، وكان اخر افلامه "كالاس للأبد" عن صديقته
العزيزة نجمة الأوبرا الراحلة ماريا كالاس. قامت بدورها الممثلة الفرنسية فاني آردان وتدور أحداثه في الشهور الأربعة
الأخيرة من حياة المغنية اليونانية
الشهيرة وحاول اخراجها من عزلتها واكتئابها حينما لم يعد صوتها يلبي التميز
الغنائي الذي اعتادت عليه وارادت ان يبقى. . يقول شيرمان: «ان زيفيريللي يحس بشكل شخصي وعميق
بمأساتها، والسرد الروائي للقصة يعطيه حرية أكبر في الاقتراب اكثر من الحقيقة مما لو
تبنى سرد سيرتها. ولو لم نعمد الى ارجاع كالاس الى المسرح فما كانت ستتاح لنا الفرصة
لمواجهة المعضلة الأساسية ولكننا سنسرد قصة امرأة تعيش وحيدة دون ان نتمكن من تحويل
ما تحس فيه بداخلها الى دراما». وقد قرأ شيرمان قبل وضعه السيناريو كل قصاصة ورق وقعت
عليها يداه عن حياة كالاس. ويقول عن الشبه بين شخصيتي المغنية الشهيرة والمخرج العجوز:
«كلاهما متطرفان في البحث عن الكمال ولا يرضيان بأقل مما يحقق لهما رؤيتهما، والفارق
الوحيد بين الاثنين هو الحب، فزيفيريللي حظي بالكثير من الحب وآخره هو من ترونهم حوله
ويعملون معا كأصدقاء في فريق واحد. . في عام 2017 حقق فيلم أنيميشن
قصير (8 دقائق) بعنوان «جحيم زيفريللي» وكان هذا هو آخر توقيع فعلي قام به لفيلم. وكان زيفريللي يقول: "كل ما يتخلّق في وسط إبداعي آخر، كالرواية
أو المسرحية، عندما ينزح إلى وسط هائل، كالسينما، عليه أن يقبل ويسلّم بالقوانين الخاصة
بهذا الوسط الجديد.. مثل مدّة الفيلم، لغة الصور، وغيرها. بالتالي فإن الاعداد أمر
يتعذّر اجتنابه، وضرورة لا أحد يستطيع الإفلات منها. الحوارات المبهمة، التي لا يفهمها
الجمهور، ينبغي حذفها أو إيجاد حلول أخرى لها. يجب أن تتعامل أيضاً مع فيض من الصور
الإيضاحية اللفظية، التي هي ليست ضرورية في السينما، كذلك الحبكات الجانبية، التي هي
مقبولة على خشبة المسرح، أو في القراءة، لكن في الأفلام، الحبكات الجانبية تتطفل وتتداخل
طوال الوقت، ويصعب التعامل معها". كان فرانكو زيفريللي يحظى عادة بتقدير الجمهور
أكثر من النقاد ,و بافلامه لم يُحيي الكلاسيكيات فقط ، بل أظهرها في ضوء جديد. وواصل نشاطه حتى
سن الشيخوخة، على الرغم من أنه أصبح ضعيفًا بشكل كبير وكان يقضي سنواته الأخيرة على
كرسي متحرك،غيابه يترك في السينما فراغاً آخر صعب تعويضه. فهو واحد من الذين تمتعت
أفلامهم بقدرات مخرجيها على الابتكار وعلى
تحقيق المتعة للجمهور.
حصل على جوائز منها: فارس قائد رتبة الإمبراطورية البريطانية.
ترشح لـ: جائزة توني لأفضل تصميم سينمائي (1962)
جائزة الأوسكار لأفضل تصميم إنتاج، عن عمل: لا ترافياتا
جائزة الأوسكار لأفضل مخرج، عن عمل: روميو وجولييت.