الفيلم
القبرصي «انطباعات رجل غريق» للمخرج كيروس بابا فاسيليو، الذي عرض بمسابقة
مهرجان عنابة، دراما تأملية حول شاعر، بين الحياة والموت.. سيناريو الفيلم
غير عادي مع عوالم سوريالية، نجد فيه رجل (يلعب دوره ثودوريس بانتديس)
يستيقظ على الشاطئ، لا يعرف مكان وجوده، ولا يعرف من هو، منقطع تماما عن
ماضيه وذاكرته. يدرك أنه فقد ذاكرته.
يلتقي رجلا آخر ويطلب منه المساعدة للتعرف على نفسه، ليصل
أخيرا إلى بلدة حديثة مجاورة، حاملا معه دفتر كامل من القصائد يحاول اكتشاف
ماضيه وهويته، مواجها قدره المحدد مسبقا، بعد لقاء مع صديقة سابقة لوالديه
يكتشف أنه هو الشاعر اليوناني الشهير كوستاس كاريوتاكيس، الذي انتحر في
عام 1928.
ولخص المخرج كيروس بابا فاسيليو رؤية الفيلم بقوله «زرت منزل
ماريشا (ممثلة في الفيلم) وكان هناك مرآة على الحائط مع إطار منحوتة، بعد
حين مررت أمام المرآة ولكن فوجئت أنني لا أرى نفسي. ما يحدث في الواقع عدم
وجود مرآة داخل الإطار، ولكن مجرد سطح الزجاج، مثل زجاج النافذة. وكانت
المرآة باهتة جدا، وشعرت أن نفسي قد اختفت».
يميل كيروس بابا فاسيليو في فيلمه للسرد الخالي من
الكوميدياوالدراما ويشتغل على التكوينات البصرية، والصور النقية القريبة من
اشتغالات السينما الشاعرية الخالصة القريبة من عوالم أنطونيوني وبازوليني.
الفيلم يكشف لنا عبر أجواء رائعة وتشكيلات شعرية ترجع (وأحيانا باستخدام التعليق المدون على الشاشة) لعمل الشاعر ومذاكرته عن الانتحار.
الفيلم يكشف لنا عبر أجواء رائعة وتشكيلات شعرية ترجع (وأحيانا باستخدام التعليق المدون على الشاشة) لعمل الشاعر ومذاكرته عن الانتحار.
الشاعر حاول كوستاس كاريوتاكيس الانتحار غرقا. قبل أن ينتحر،
كتب حاشية في مذكراته عن الانتحار، ونقلت في الفيلم «ربما في يوم من
الأيام، إذا حصلت على فرصة، سأذكر الانطباعات عن الغرق»، ولكن الشاعر في
الفيلم يقاوم المفترض القيام به، أنه يقاوم فكرة الانتحار مرة أخرى. يبدو
الأمر كما لو، بعد ما يقرب من 90 عاما من ذكرى وفاته، حاول كاريوتاكيس
أخيرا رفض مصيره والهروب من الشعراء في متحف الانتحار، حيث يلتقي سيلفيا
بلاث، فلاديمير ماياكوفسكي، بول سيلان والآخرين الذين وجدوا ثغرة أخرى
لهمومهم.
في قالب شاعري يدور الفيلم حول تساؤل أساسي يسكن تفكيرنا هو أننا حين نموت نختفي أم لا ؟ ورغم حالة التأمل الدرامية العميقة والتي تصنع الالتباس لدى المشاهد يوصلنا المخرج لدخول متاهة هذه اللعبة، لكنه ينتهي تاركا بداخلنا إحساسا قلقا من حالة الفراغ، كما الصور الفارغة التي تظهر اللقطات النهائية للفيلم. أنه دعوة تحد للجمهور لاستشعار أبعاد الوجود الإنساني.
في قالب شاعري يدور الفيلم حول تساؤل أساسي يسكن تفكيرنا هو أننا حين نموت نختفي أم لا ؟ ورغم حالة التأمل الدرامية العميقة والتي تصنع الالتباس لدى المشاهد يوصلنا المخرج لدخول متاهة هذه اللعبة، لكنه ينتهي تاركا بداخلنا إحساسا قلقا من حالة الفراغ، كما الصور الفارغة التي تظهر اللقطات النهائية للفيلم. أنه دعوة تحد للجمهور لاستشعار أبعاد الوجود الإنساني.
ولد المخرج كيروس بابا فاسيليو في قبرص عام 1972، «انطباعات
رجل غريق» هو فيلمه الروائي الطويل الأول، آخر أفلامه القصيرة «باسم سبارو»
شارك في مسابقة مهرجان كان السينمائي، يعمل كمخرج مستقل للإعلانات، وكمحرر
للأفلام الروائية. نشر كيوس مجموعة من القصائد الشعرية.
محمد عبيدو